وضع الأستاذ سعد الدوسري في مقالته القصيرة المفيدة بصحيفة «الجزيرة» يوم الأحد 19 رجب 1435ه إصبعه على الجرح فيما يتعلق بالتبرعات.. فقد ذكر أن الصدقات والزكوات تؤدى كيفما اتفق وكأن من يدفعها يريد أن يرتاح من عبء مزعج!! ثم أضاف الأستاذ سعد قائلا: لماذا لا تكون هناك مساءلة لمن يتبرع في المكان غير الصحيح؟ ومع أني لست من أنصار المطالبة والمساءلة.. إلا أن إشارته إلى أهداف جانبية تشوب توزيع الصدقات والزكوات جديرة بالنظر. فالمسلم به أن تصل الصدقة إلى يد الفقير.. هذا مبدأ مسلم به، لكن إذا كان المتصدق يتصدق على فقراء وهو يعلم أن في أهل بيته أو جيرانه من هم من المساكين المتعففين فكيف تطيب نفسه أن تذهب صدقته إلى الأبعدين ويترك الأقربين الذين هم أولى بالمعروف؟! ولقد قالوا: إن المتعدي بالصدقة كمانعها.. فالذي يتصدق على البعيدين ويترك الأقارب أو المعارف فكأنما منع صدقته. والأمر الثاني أن لا يصحب الصدقة من ولا أذى. كقولك: هل تذكر ذلك اليوم الذي أرسلت لك الغداء فيه؟ إنه نفس اليوم الذي سافرت فيه. لذلك قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر}. وحث النبي عليه الصلاة والسلام على إخفاء الصدقة فذكر في حديث السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله قوله: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه». وأعود لموضوع المساءلة التي لا أرى داعيا لها، إن كانت تصل لأيدي المستحقين حتى وإن لم يكونوا من الأقارب الذين يستحقونها.. ويكفي عن ذلك التوجيه والتوعية بتفضيل القريب عن البعيد خفية فالحق سبحانه وتعالى يقول: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم}. سيما وأنه من غير الممكن أن نضمن أن الذي سيتولى المساءلة سيكون بريئا من توجيه الصدقة إلى جهة له فيها مصلحة. لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «التقوى ها هنا» وأشار إلى صدره الشريف، لذا فلنترك من شاء أن يتصدق علنا أو سرا وأن نكتفي معشر الكتاب بالنصح والتذكير بالذي هو خير. السطر الأخير: قال تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}.