بدأ موسم الصيف وأعلن مبكرا عن قيظه ومؤشرات زيادة الاستهلاك والفاقد من الكهرباء والمياه والأطعمة في بيوتنا وحتى في الأسواق والمحلات، وهي قضية تطرح نفسها في مثل هذا الموسم. ولسنا نحن كأفراد وأسر فقط من يدفع فاتورة الإسراف في كل ما سبق، وإنما لقطاعات الكهرباء والمياه وما يرتبط بذلك من دعم هائل من الدولة، وعلى مدى سنوات طويلة (بح صوت) الوزارات والجهات المعنية بدعوات الترشيد وحملاتها، دون استجابة بالقدر المطلوب في استخدام هذه النعم بقدر الحاجة والضرورة، وهو ما اضطر الحكومة إلى خطوة مهمة بتغيير مواصفات أجهزة التكييف وإلزام الموردين بها، لكن يبقى الترشيد قضية مزمنة، وكأننا مجتمع لا يستجيب لثقافة الاستهلاك كسلوك رشيد. وإذا كان القطاع السكني يستهلك نسبة كبيرة من الكهرباء، وأيضا المياه المحلاة، فإن القطاع الصناعي عليه واجب الترشيد فيهما، ومن شأن كل ذلك إعانة الدولة والقطاعات المعنية على إنجاح خطط البنية الأساسية والمشروعات لمواكبة تحديات الزيادة السكانية والتوسع التنموي والعمراني وتحسين الخدمات وإنهاء مشكلات انقطاع المياه تحديدا، وحاجة قطاع الكهرباء إلى استثمارات بمئات المليارات. لكن دعونا ننظر لصورة أخرى نتناولها بالنقد في جوانب كثيرة دون أن ننتبه لتأثيرها السلبي على الترشيد، وهي التطور المجتمعي الذي فتح باب الإسراف على مصراعيه .. فالواقع يقول إن الأسرة التي كانت تلتقي في معظم النهار وشطر من الليل وتقلل الإضاءة، اليوم تبدو حالة استقلالية بين أفرادها مع شبكات التواصل الاجتماعي الافتراضي التي دمرت التواصل الحقيقي داخل الأسرة، والمحصلة لكل مظاهر الإسراف أننا الأكثر عالميا في معدلات استهلاك المياه، وزيادتها استهلاك الكهرباء عن المعدل الطبيعي أو المطلوب، ناهيك عن فاقد فائض الأطعمة، رغم اليقين بقوله سبحانه «إن الله لا يحب المسرفين». وفي الحفلات والمناسبات، نبدي كرما حاتميا خشية أن يقذفنا الناس بالبخل، ولا نخشى أن نكون عند الله من المسرفين، ونثقل على ميزانية الأسرة على حساب حاجاتها الأخرى، ونستجيب لما نشتهيه فنشتريه، ولا نفكر في كيف نحافظ على الفائض أو نحسن التصرف فيه، وكأننا قوم مسرفون أو هكذا نحن.. لذا نحتاج إلى وعي أكثر ومستمر بثقافة الاستهلاك وقيمة الترشيد والتخلق بمبادئ وتعاليم ديننا العظيم، ففي الاقتصاد والترشيد نفع عظيم لحياتنا وللمجتمع والدولة، فهل نحن فاعلون؟!.