«الحمد لله الذي منحني حياة جديدة».. بهذه العبارة استهل استشاري ورئيس قسم القلب بمستشفى الملك فهد بجدة الدكتور عثمان متولي حديثه ل«عكاظ» عقب نجاته من فيروس «كورونا». وقال «قصة مرضي بدأت في الثالث من جمادى الآخرة عندما فحصت مريضا يعاني من «كورونا» وكانت اعراضه عبارة عن اسهال والتهاب رئوي واضح، عندها طالبت بعزله فورا ثم علاجه، لكنني كنت قد اكتسبت العدوى منه مع الأسف الشديد». وفي ما يلي إجابات د. متولي على أسئلة «عكاظ»: رأيت الموت • هل كنتم تتوقعون ولو للحظة واحدة بصفتكم طبيبا انكم ستنجون من الفيروس؟ لا أخفيك أنني رأيت الموت، حيث لازمت السرير لمدة ثلاثة اسابيع متصلة، لكنني والحمد لله لم أيأس من رحمه الله، وكنت أدعوه عز وجل كثيرا أن ينجيني من هذا المرض ويشفيني، فشملتني رحمته، فقد منحني عمرا جديدا، وأنا الآن والحمد لله بخير، فقد تماثلت للشفاء تماما، ولقد انقذتني القدرة الإلهية بعد أن عانيت كثيرا وطار النوم من عيني، والحمد لله على قضائه وقدره. شكري وتقديري لخادم الحرمين • وكيف ترى الجهود المبذولة حاليا لمحاصرة فيروس كورونا؟ قبل كل شيء أسجل شكري وتقديري لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) على عنايته الشديدة بصحة المواطنين، وتوجيهاته السديدة في محاصرة مرض «كورونا» وتسخير كل الإمكانيات التشخيصية والعلاجية للمرضى الذين تعرضوا للإصابة بالفيروس وانا احدهم، فمنذ ان علم (حفظه الله) بانتشار المرض لم يرتح ووجه باتخاذ كل ما يلزم حيال ذلك لتوفير كل الإمكانيات اللازمة لمحاصرته، تجسيدا لمقولته «صحة المواطن اعز وأغلى ما نملك». خالطت مصاباً • وكيف كانت اصابتكم بفيروس كورونا؟ قصة مرضي بدأت في الثالث من جمادى الآخرة عندما خالطت مريضا يعاني من «كورونا» وكانت اعراض المرض بادية عليه من اسهال والتهاب رئوي واضح وقد اكتسبت منه العدوى، وعندما فحصته طالبت بعزله وعلاجه، وغادرت لمنزلي ومكثت ثلاثة أيام التقيت خلالها زوجتي وأقاربي دون ان أشعر بشيء، وفي رابع يوم بدأت اشعر بالحرارة تشتد علي حيث هاتفني مدير المستشفى قبل ظهور النتائج، وأصر على تنويمي لأن الأعراض جميعها تشير لإصابتي بكورونا، وهذا ما تأكد لاحقا. • كم مكثتم في المستشفى؟ مكثت 14 يوما كانت من أصعب أيام عمري، ارهقني خلالها المرض، ولكن لطف الله أنقذني، وكانت درجة حرارتي لا تنخفض عن 39 مع آلام في العظام وإسهال شديد، وكنت منهارا نفسيا قبل أن أتلقى دعما نفسيا من زوجتي وأشقائي وزملائي في القسم، وقاومت الفيروس بشدة حتى شفيت منه، ولله الحمد. المضمضة والاستنشاق والغرغرة • وكيف نجوتم؟ بالإضافة الى العلاج اتجهت إلى المضمضة والاستنشاق والغرغرة بماء زمزم لطرد الميكروبات والفيروسات من الجسم، بالإضافة الى الوضوء خمس مرات في اليوم، كما استخدمت بعض الوصفات الشعبية، منها وصفة الحلبة للتغلب على الإسهال الحاد بخلطها مع اليانسون والكمون والشمر وتناوله معا في يوم واحد فقط، إضافة إلى استخدام القرنفل للتغلب على الحمى، من خلال نقع 21 حبة من القرنفل مع مبشور الزنجبيل في 300 سنتيمتر من مياه زمزم وتركه لساعات عدة، قبل شربه بجرعات متعددة في اليوم الواحد، وهو ما ساعد في خفض درجة الحرارة إلى معدلها الطبيعي والحمد لله. • كيف كنت تشغل اوقاتك في المستشفى، ومن استقبلت من الزوار؟ كنت لا أنام إلا ثلاث ساعات متقطعة، واشغل نفسي بقراءة القرآن الكريم، وكان الزوار يأتون إلي من الأقارب والأصدقاء وأمنع اقترابهم مني أقل من مترين، رغم أخذهم كافة الاحتياطات، وتعاونت لأقصى درجة مع الطاقم التمريضي الذين كانوا يتخوفون من انتقال المرض، ومع ذلك أدوا عملهم بكل إخلاص وتفان. التفرغ للأعمال الخيرية • يقولون انك تفكر الآن في التقاعد؟ رسميا كان موعد تقاعدي نهاية شهر رجب الحالي، إلا أن ادارة المستشفى مددت خدماتي لعامين آخرين وسأستخير الله هل اتقاعد ام استمر في العمل، مع العلم ان خبرتي تتجاوز ال35 عاما، نجحت خلالها ولله الحمد في تسجيل العديد من المنجزات الطبية للمملكة، وتجهيز العديد من المراكز الطبية، ومنذ عدة أعوام كانت عائلتي تضغط علي من أجل التقاعد والراحة وكنت أرفض، لكن هذه المرة يبدو أنني سأضطر للرضوخ لرغبتهم والتفرغ للأعمال الخيرية والتطوعية. درس «كورونا» • ماذا تقول للقطاعات الصحية لتفادي مثل هذه الأمراض؟ أتمنى ان يكون موضوع «كورونا» درسا للقطاعات الصحية في سبيل تصحيح كل اوضاعها التي لا تخدم المرضى وتفتقد الى مستويات الجودة المطلوبة والارتقاء بالأداء وعدم التساهل في تطبيق كل الاشتراطات الصحية اللازمة، حيث انه قبل 4 سنوات تم اجراء التجديدات في مستشفى الملك فهد العام الا ان «الطوارئ» لم يحدث فيه شيء.