اتفق علماء الإدارة والتخطيط على أن استمرارية نجاح أي مشروع مرتبط بوضوح الرؤية ودقة الرسالة، وأن تكون الأهداف قابلة للقياس، ومن هذا المنطلق نرى أن المشاريع التي تؤسس بفكر مؤسسي وتدار بمهنية مستمرة في نجاحها ويزاد بريقها مع مرور الزمن، ولكن من يتابع قصة نجاح منتدى جدة الاقتصادي في بداياته والتراجع الذي يعيشه الآن يلحظ أن هناك خللا في مأسسة العمل وآلية تحقيق أهداف المنتدى، حيث كانت بداياته مميزة من حيث المواضيع المختارة وتناغم الشخصيات معها والتزامهم بالحضور، إلا أن هذا التوهج فقد بريقه، ما أدى إلى عزوف المشاركين عن الحضور وتراجع سمعة المنتدى مقارنة بالسابق، وهذا ما أكدته جريدة الاقتصادية في عددها الصادر بالأمس، حيث اعتذر أربعة مسؤولين عن الحضور رغم إدراج أسمائهم بجدول المنتدى، وهم الدكتور محمد الجاسر، الدكتور توفيق الربيعة، المهندس عبداللطيف العثمان، ونائب وزير الاقتصاد الدولي والمالي الإندونيسي، وأكد الحاضرون أن تغيب المسؤولين الأربعة بشكل مفاجئ وتغير الجلسات بشكل متكرر سبب انزعاج الحاضرين، وكشف ضعف المنتدى من حيث التنظيم، وأكد الحضور حسب ما أوردته الاقتصادية أن المنتدى أخذ منحى تجاريا وربحيا بعيدا عن المحتوى أو نوعية المتحدثين. هذا التخبط وتأخر موعد الجلسات أكثر من ساعة جعل أحد الحضور الأجانب يقول: «لا التزام بالمواعيد.. أيعقل أننا في منتدى له قيمة وأصداء اقتصادية». أي مواطن غيور ووطني يشعر بألم وحسرة لهذا التراجع الذي يعيشه المنتدى بعد أن كان علامة بارزة دولية، ويسير على خطى منتدى دافوس العالمي، وكان المتحدثون يتطلعون بشغف لإطلاق المنتدى ملتزمين بحضورهم وجودة أوراقهم لإعطاء قيمة مضافة للمنتدى. أصبح الآن المسؤولون يجدون المبررات للاعتذار وعزوف من الحضور وتفاعل ضعيف ومخرجات شبه معدومة؛ لذا من الضروري من القائمين على هذا المنتدى أن يسعوا لمأسسة المنتدى وتحويله لكيان مستقل ذي رؤية وأهداف واضحة، وأن يتم الإعداد بشكل مدروس ومنهجي وعدم التعاطي معه بعدم المبالاة أو الاهتمام به في آخر لحظة.. والله من وراء القصد. * رئيس مركز ارك للدراسات والاستشارات