لن تسرق أزمة الشرق الأوسط الأضواء في جبال الألب في دافوس، كما تجري العادة سنوياً، ما لم يطرأ تطوّر ما لم يخطر على البال. فلا القيادات العربية حاضرة هذه السنة، على مستوى رفيع في «المنتدى الاقتصادي العالمي»، ولا رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان عائد بعدما انسحب من الجلسة «بطلاً» لاحتجاجه العام الماضي على إعطاء رئيس إسرائيل شمعون بيريز فرصة اطول في الكلام. زمن الخبر الساخن والمفاجأة الذي رافق مشاركة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لم يتكرر منذ وفاته. وفيما يحضر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي سيسعى أن يوقظ العالم الى ضرورة المساهمة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، سيسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية «رفض» التفاوض. أوروبا حضرت في السنتين الماضيتين، عبر رئيس وزراء بريطانيا غوردون براون ومستشارة المانيا أنغيلا ميركل. أما هذه السنة فسيفتتح الدورة الأربعين للمنتدى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي له «قصة» شخصية مع دافوس قبل زواجه من كارلا بروني. عدد رؤساء الدول والحكومات قليل نسبياً، وكذلك عدد رؤساء الشركات الكبرى. وتراجعت الحفلات التي تنافست المؤسسات على إحيائها ببذخ بسبب الأزمات المالية والاقتصادية. والتشوّق الى التعرف الى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لاقى الخيبة بسبب المشاركة الضئيلة للإدارة في منتدى دافوس. على رغم ذلك، ما زال يحتفظ منتدى دافوس بمزيج من الجرأة والإبداع والاستمرار، بقيادة مؤسسه ومديره التنفيذي كلاوس شواب. وهذا واضح في البرامج والمؤتمرات التي انبثقت من المنتدى وكذلك في العنوان الذي اختير للذكرى ال 40 لتأسيس المنتدى، وهو: «إعادة التفكير، إعادة التصميم، إعادة البناء» لوضع ومستقبل العالم. المحرك الرئيسي وراء المنتدى هذه السنة هو الرغبة في دفع ما يقارب 2500 مسؤول من 90 دولة من القطاع الخاص والحكومي والمجتمع المدني الى التفكير في القيم التي يجب أن ترافق قطاع الأعمال لتحمل المسؤولية الجماعية بشفافية. ويرى شواب أن «علينا أن نعيد التفكير في قيمنا... فنحن نعيش معاً في مجتمع عالمي بثقافات متعددة. علينا إعادة تصميم سبل تعاطينا مع القضايا والتحديات المطروحة على الأجندة العالمية. علينا أن نعيد بناء مؤسساتنا». البرنامج العام في دافوس سيركز علي كيفية إنشاء إطار للقيم وكيفية تعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وكيفية بناء المؤسسات. وستبحث الجلسات المغلقة في العمق أزمة القيم وضرورة مراجعتها وإعادة هيكلتها. ما يفتخر به المنتدى في الذكرى الأربعين لتأسيسه هو مشاركة المرأة بنسبة 15 في المئة هذه السنة. الملكة رانيا العبدالله، عضو مجلس إدارة المنتدى تلعب دوراً رائداً في هذه المسألة وهي لا تدفع الى الأمام بالمرأة الأردنية والفلسطينية والعربية فحسب وانما أيضاً بموقع المرأة في العالم. علماً أن الأردن شريك لدافوس لأنه «بيت» المنتدي الإقليمي الذي تتناوب الدول العربية على استضافته دورياً بعد البحر الميت. نخبة رجال ونساء الأعمال العرب في المنتدي الاقتصادي العالمي لا يستهان بها، نظراً الى مستوى التمثيل الرفيع من المملكة العربية السعودية والإمارات والأردن ولبنان والمغرب العربي ومصر وغيرها. العراق لن يكون حاضراً في دافوس كما العادة لانشغاله بالانتخابات. إيران لن تتلقى الصدارة والحفاوة كما في الماضي والأرجح ألا تكون مشاركتها ملحوظة.