لم يتوقع محمد عبدالله الرصاصي المبتعث لدرجة الماجستير في الرياضيات أن تحرص إحدى الجامعات الأمريكية على أن يعمل لديها محاضرا بعد تخرجه، وفي الوقت الذي حاول فيه بكل الطرق الحصول على وظيفة محاضر أو أستاذ في إحدى الجامعات الحكومية والخاصة في المملكة دون جدوى. الرصاصي تخصص في الرياضيات في مرحلتي البكالوريوس والماجستير وباءت محاولاته بالفشل في الحصول على وظيفة أكاديمية بجامعاتنا.. والتقت به «عكاظ» بعد أن انتهى من محاضرته بجامعة تكساس بمدينة سان انطونيو الأمريكية.. فجاءت المحصلة كالتالي: اعتذروا لي • كيف قدمت إلى أمريكا؟ •• قبل أن أتقدم لبرنامج الابتعاث كانت لي بعض المحاولات لمواصلة دراستي العليا في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والتي تخرجت منها من مرحلة البكالوريوس، إلا أن رد الجامعة نزل علي كالصاعقة.. رفضت طلبي وعرضت علي استكمال الماجستير على حسابي الخاص ما دفعني أن أصرف النظر إلا أن ذلك لم يمنعني من المحاولة في اتجاه آخر وهو برنامج الابتعاث الخارجي، وبالفعل قدمت على المرحلة الرابعة وتم قبولي وبعدها حصلت على القبول لدراسة اللغة واتجهت إلى أمريكا لمواصلة دراستي العليا. • كيف اجتزت مرحلة اللغة؟ •• لم تكن اللغة تشكل صعوبة بالنسبة لي نظرا لأنه كنت أجيد الإنجليزية من خلال دراستي بمرحلة البكالوريوس. كل ما كنت أحتاجه في فترة اللغة بأمريكا هو ممارستها والاستفادة من أحد المعاهد المتخصصة في مدينة اوستن بولاية تكساس، وجربت الدخول في اختبارات التوفل عدة مرات وأجزت بدرجة عالية أهلتني للحصول على قبول في جامعة تكساس سان انطونيو والتي بدأت الدراسة بها في عام 2009 وتخرجت منها بدرجة الماجستير في الرياضيات بتفوق، ومن ثم اتجهت إلى العمل في نفس الجامعة. أسئلة مدهشة • كيف حصلت على العمل بالجامعة؟ •• طريقة التحاقي بالتدريس في الجامعة لم أتوقعها أبدا، بعد أن تم قبولي لمرحلة الماجستير ذهبت في أول يوم دراسي كي أبحث عن قسم الرياضيات. وقابلت شخصا في أحد أروقة الجامعة وسألته عن القسم وكيف أستطيع الوصول إليه، وقال لي اتبعني واستغربت قليلا حينها من رده وبالفعل ذهبت معه حتى وصلنا إلى القسم وقال لي هذا القسم وهنا القاعات، وبعد ذلك عرفت أن هذا الشخص هو رئيس القسم وتحدث معي بعدها لبعض الوقت وكان يسألني وكنت أستغرب وقتها من طرحه أسئلة بعينها حيث كانت تساؤلاته هل مارست التدريس من قبل، هل لديك رغبة، وهل تمانع لو عرض عليك ذلك. كانت إجاباتي إيجابية كلها وتفاعل معها بشكل سريع وقدم لي عرضا مع أول يوم دراسي بالعمل كمساعد في قسم الرياضيات، وبالفعل تم إدخالي على لجنة للتقييم واجتزت المقابلة بنجاح وبعد ذلك تم ترتيب محاضراتي التي أدرس فيها وأوقاتها على أن لا تتعارض مع المحاضرات التي أقوم بالتدريس فيها، حيث قمت بعملية التدريس خلال فصلين دراسيين لثلاثة مستويات دراسية. الغرباء أنصفوني • بعد إنهائك مرحلة الماجستير لماذا لم تعد للمملكة؟ •• لم أكن حريصا على العمل في أمريكا أو الحصول على الإقامة الدائمة ومازلت أتطلع للعمل في وطني وبكل صراحة لم أجد التقدير أو الإنصاف من كثير من الجامعات وتقدمت إلى كثير منها بشتى الطرق المتاحة وبالطرق النظامية إلا أني لم أجد أي تفاعل، ولم أتوقف عند ذلك وشاركت في أيام المهن وفوجئت من ردود بعضها بأنهم لا يحتاجون تخصص رياضيات، في الوقت الذي أعرف كما يعرف الكثيرون وجود أعضاء هيئة التدريس في قسم الرياضيات من جنسيات عربية وحصلت على فرصة للانضمام إلى هيئة التدريس في إحدى الجامعات الحكومية العريقة في إحدى كبرى الولاياتالأمريكية وهي جامعة تكساس سان انطونيو، وللأمانة فقد وجدت الترحيب وبعدها فكرت أن أقبل بالعمل معهم من أجل اكتساب خبرة عملية قبل أن أتجه لمواصلة دراسة الدكتوراة حيث لم تفارقني الفكرة، إلا أنني كنت أرغب أن تكون من خلال إحدى الجامعات السعودية بنظام الاستقطاب من أجل العودة للعمل في المملكة بعد الانتهاء من الدراسة، وبعد ذلك قمت بالعمل في الجامعة لمدة عام على تأشيرة طالب حسب نظام الهجرة الأمريكي والذي يسمح للطلاب المتخرجين من أمريكا بالعمل بها لمدة عام بعد التخرج. فصل للجنسيات • هل لك أن تحدثنا عن تجربة التدريس في الجامعة الأمريكية؟ •• لم يكن حصولي على العمل كما يتصوره البعض بأنه بسهولة ولم يكن أيضا بالصعوبة التي يعجز عنها الإنسان، حيث حصلت على عرض من الجامعة بالعمل لديها في هيئة التدريس بقسم الرياضيات ولمدة ثلاث سنوات، وأصبحت أتولى فصولا دراسية كباقي أعضاء هيئة التدريس الآخرين، وفي أول فصل دراسي أنشأت فصلا خاصا بالطلاب من الجنسيات العربية وقد لقيت الفكرة استحسان رئيس القسم. • ماذا قدمت لك هذه التجربة؟ •• قدمت لي الكثير فقد أكسبتني الخبرة العملية.. وتحديدا عندما تكتسبها من إحدى الجامعات الكبرى في أمريكا، كما عرفتني على الكثير من أبناء بلدي من الطلاب المبتعثين والذين كنت أحرص دائما على مساعدتهم بكل ما أستطيع في حدود عملي دون تجاوز، كما أكسبتني احترام أساتذتي في الجامعة الذين أصبحوا اليوم زملائي في العمل. ومن خلال هذه التجربة التي أعتبرها ثرية شاركت في التحكيم للمشاريع العلمية في المدارس الثانوية بولاية تكساس الأمريكية والتي تعد من كبرى الولايات في أمريكا، حيث تم ترشيحي من جامعة تكساس لتمثيلها في هذه اللجنة، وقد استفدت كثيرا للتعرف على طرق الحلول الرياضية. • ماذا لو حصلت على عرض للعمل في إحدى الجامعات بالمملكة؟ •• لن أتردد ثانية في المغادرة غدا للالتحاق بالعمل في بلدي، وأنا من مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي والذي قامت فكرته الذكية على ابتعاث أبناء الوطن من أجل العودة للإسهام في تنميته وتطويره في شتى المجالات.