يأتي اسم عبدالله دويري من بين الأسماء المهمة في فن الموسيقى والغناء في جيزان، إذا لم يكن أهمها اليوم على الإطلاق لريادته لأبناء جيله الذين تسيدوا المرحلة الحديثة في أغنية جيزان أو جازان.. لا فرق، وعندما نقول المرحلة الحديثة هذا يعني أننا نتحدث عن مرحلة السبعينيات الميلادية، حيث بدأت الأغنية الحديثة في جيزان تغادرها إلى أصقاع المملكة المختلفة من خلال صوته وصوت أخيه الفنان محمد الدويري وصوتي النجمين محمد عمر وصالح خيري، وهناك أيضا الفنان الزهيري وغيرهم، والفنان جبران مكحل الذي يحاول حاليا تجديد إطلالاته الفنية للتعامل مع محبيه ومحبي فن جيزان المرتبط بالعراقة والتراث والجذور التي كان لها روادها على طول المدى، ولا سيما في بدايات القرن، أو تحديدا في الثلث الأول من القرن العشرين، يومها كان الكثير من أبناء المنطقة قد ذاع صيتهم أدباء وفنانين أثروا الحياة الثقافية الفنية. ونحن في «عكاظ» قمنا بزيارة الفنان الكبير عبدالله الدويري في بيته معايدين في أمسيات عيد الفطر، حيث استقبلنا بأدائه أحد ألحان رياض السنباطي الموسيقار الذي يعشق فنه «رباعيات الخيام» ليقول لنا بداية عندما سألناه عن الفن في عيد جيزان وسألناه عن غيابه: هذا ليس بخاف عليكم، فجيزان بلد فن وتأريخ وأدب، وجيلنا نحن الذين بدأنا في التعاطي مع الإبداع منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ربينا على أكتاف أدباء ومثقفين كبار كانوا أعلاما لهذا البلد ثقافيا منذ بدايات القرن مثل الشاعر والأديب علي السنوسي ثم نجله الذي كانت بصمته في دنيا الأدب أكثر يناعة ووضوحا محمد على السنوسي، وهو الذي غنى له الفنان هاني شاكر في بداياته الفنية بالفصحى بلحن للموسيقار الراحل سامي إحسان، كذلك الأديب الكبير محمد أحمد العقيلي ومحمد زارع عقيلي رائد القصة والرواية التاريخية في جيزان. حدثنا عن الفنانين في جيزان، وتحديدا فناني جيل الرواد الذي سبقكم؟ كما قلت لك إن جيزان مفعمة بالجمال والإبداع بالموسيقى والغناء منذ القدم، ومن أساتذتنا في الموسيقى والغناء الفنان الكبير علي مهدي سروري صاحب الأغنية الشهيرة «كم طرقت الباب والعالم رقود» التي أعادها الفنان محمد عمر فيما بعد، وتحديدا في نهاية السبعينيات الميلادية، أي بعد انطلاقته إلى جدة بسنوات، وتلاه بعد ذلك بسنوات طويلة زميله صالح خيري، وللحقيقة لقد خدم الاثنان فنوننا ونشراها بشكل كبير باسم اغنية جيزان، عموما كانت هذه الأغنية من أشعار الكبير حمد مسرحي الذي له الكثير من الأعمال المعروفة. كذلك هناك الفنان الكبير عيسى بكري، ومن صبيا هناك الفنان محمد حكومي، وهناك الفنان علي العمير الذي ما زال يواصل نجاحات جيدة بين جيزان والرياض وجدة، كذلك الفنان محمد الزيلعي الذي بدأ في شق طريقه للنجومية، المنطقة زاخرة بالكبار اليوم وبالأمس. على ذكر محمد عمر وصالح خيري اللذين تركا الإقامة الدائمة في جيزان.. هل من تواصل بينكم فناني جيزان الذين بقوا فيها وأبناء جيزان الذين غادروها؟ يحصل ذلك، ولكن قليلا جدا، فمع محمد عمر وصالح خيري هناك الملحن أمان عبدالله، وهناك الممثل عبدالله الصائغ، وهناك أسماء عديدة نتواصل معهم في المناسبات والزيارات وما إلى ذلك، وقبلهم هناك فناننا الكبير محمد عبده الذي كان من المفترض أن يجمعنا عمل كبير من ألحاني، إلا أنه لم ينفذ حتى الآن رغم إعجاب أبو عبدالرحمن الكبير به، وهنا دعني أنوه إلى أن عملا غنائيا كان قد جمعني بالأديب الشاعر أحمد عائل فقيهي عندما كان في جيزان، وهي أغنية بالعامية «وضاع عمري» وجدت الكثير من الانتشار. قابلتنا بأدائك لأغنية السنباطي لأم كلثوم «الرباعيات»، ونعرف أنك تغني كثيرا للسنباطي في الجلسات والمناسبات، هل تغني كثيرا أعمال الكبار غير أعمالك الخاصة؟ نعم، يحدث ذلك، فالفنان ليس أسير أعماله فقط، بل من الواجب عليه أن يتماهى مع الإبداع ومصادره المختلفة، عندك مثلا الموسيقار محمد عبدالوهاب فنان كبير، ولكن لا أفضله أبدا عن رياض السنباطي، ولا أعتقد أنه يساويه في شيء، فعندما احتضن عودي تجدني أغني لكبار، هم: رياض السنباطي، محمد مرشد ناجي، محمد سعد عبدالله.