عندما يأتي الحديث عن الفنان الموسيقار غازي علي فإنك لابد أن تشعر أنك أمام أحد عمالقة الفن من الذين أثروا الساحة السعودية الغنائية بالروائع الباهرة والتي جعلته يمثل قامة فنية تحتاج إلى الكثير من وسائل التحليل لشخصيته وإبداعاته التي اختلفت عن غيره من الفنانين.. فالموهبة التي امتلكها لم تمنعه من أن يواصل صقلها بالدراسة وكان له ما أراد حينما التحق بمعهد كونسرفتوار القاهرة ونهل علم الموسيقى وأبحر فيها ينقب ويبحث عن أسرارها بأسس علمية مدروسة مما مكنه من إنتاج العديد من الأعمال الفنية والمقطوعات الموسيقية المتفردة التي أعطته وهجا مميزا بين أقرانه من الفنانين خاصة أنه فنان مثقف وأكثرهم علما بهذا المجال.. إضافة إلى ذلك اهتمامه بالتراث الذي نهل منه روائعه الخالدة التي مازال يرددها معجبوه وذلك لكونه حالة خاصة جدا لأنه فنان مسكون بالإبداع الموسيقي حيث استطاع أن يوظف كل قدراته الفنية ليخلق من تلك المفردة التي امتلكها نوعا جديدا من الموسيقى حيث لم يجاريه فيه أحد من الفنانين، قدم الكثير من الأعمال التي شكلت علامات مضيئة في الفن السعودي مثل شربة من زمزم، ويا العشرة، وروابي قبا، ومحلا اسمك ياالرياض، وأسمر حليوة، وسلام لله ياهاجرنا، التي لحنها للفنان الكبير طلال مداح.. هذه الأعمال المتفردة تحتاج منا الكثير لنفهم ملامحها الموسيقية التي شغفنا بها. رغم النجاح الكبير الذي حققه الفنان غازي علي باعتباره واحدا من أعمدة الفن السعودي إلا أن الرجل دائما ما كان بعيدا عن وسائل الإعلام حيث لا يحب الظهور كثيرا. قال في إحدى المقابلات النادرة معه بأنه لا ينظر إلى الشهرة وإنما هو عاشق للفن فقط ولا يريد أكثر من ذلك. كما أنه يقول إن هذا الجيل لا يهتم بفنه لذا فإنه غير مهتم بترتيب أوراقه فهو كما يضيف يغني ويلحن ويركن كل ذلك، لأنه يرى أن شركات الإنتاج هي التي تتحكم في مصير الفن والفكر والأدب والثقافة. ارتبط الفنان غازي علي أثناء دراسته للموسيقى في القاهرة بعدد من الموسيقيين العرب الكبار ومنهم رياض السنباطي خاصة بعد افتتاح قسم خاص للموسيقى الشرقية في المعهد حيث ضم أساتذة كبارا مثل السنباطي وجورج ميشيل وإبراهيم شفي والسيدة حورية عزمي وكامل عبدالله وعبدالفتاح منسي الذين يعتبرون من عمالقة الفن في مصر آنذاك فلم يفوت الفرصة ليتحول إلى دراسة الألحان الشرقية بعد أن كان يدرس الغربي حيث منحه العميد أبو بكر خيرت الفرصة التي اغتنمها بشغف، وقد أكثر من اهتمامه بالموشحات لإبراهيم شفيق والقوالب الموسيقية العربية لرياض السنباطي والعود لجورج ميشيل والموسيقى الشرقية لحورية عزمي وكان هؤلاء لهم تأثيرهم المباشر في حياة الفنان غازي علي وتكوين شخصيته. نال الفنان غازي علي إعجاب أولئك الاساتذة الكبار خاصة رياض السنباطي الذي كان يستمع إليه من خلال إذاعة صوت العرب التي سجل لها روابي قبا وشربة من زمزم فشجعه إلى أن يكون ملحنا واهتم به وبفنه. سيبقى الفنان غازي علي يشكل قيمة فنية نادرة ولكنه، يتجرع الآن مرارة الزمن حيث لم يشفع له إبداعه العظيم الذي انسكب ولايزال ينسكب من فكره وقلبه ووجدانه.. وهو الآن يكابد الحياة وشحها إلا من دروس خصوصية لبعض الشباب حتى كاد أن ينساه الزمن.. وهنا يتجلى سؤال له أهمية عظمى وهو : مثل هؤلاء الفنانين لماذا لا تستفيد من خبرتهم جمعيات الثقافة والفنون أو وزارة الثقافة والإعلام فإنهم بذلك يقدمون لهم تقديرا يليق بهم، خاصة لمثل هؤلاء المبدعين وتكريمهم. بذلت جهدا كبيرا من البحث عن وسيلة اتصال بالموسيقار غازي علي لكن باءت محاولاتي بالفشل مع الأسف ولكن من خلال مكالمتي بالهاتف مع الزميل ناجي طنطاوي سألته عن وسائل الاتصال بالموسيقار غازي علي فوعدني بإحضار رقم هاتفه وبالفعل أحضر لي هاتفه الثابت وقمت بمهاتفته حيث رحب بي بعدما عرفته بنفسي فوجدت كأنه يعرفني من سنوات وقد لمست فيه التقدير والاحترام.. حيث مدني بالكثير من المعلومات التي كانت غائبة عني مثل تعاونه مع الموسيقار الراحل طارق عبد الحكيم بأغنيتين هي: على ضفة الوادي وأغنية تمهلي ياشمس لاتغيبي.. كما أنه ألف مقطوعات موسيقية أذكر منها: حنين وغزل وفرحة وإشراق ومرح وبلدي وانسجام وشجن والحلوة وسنابيك وسماعي رست نوا. وإنني أجزم بأن هذه المقطوعات من أجمل ما وضعها الموسيقار المتألق غازي علي وقد أهداني نسخة من أغانيه القديمة.. ومن هذه الأعمال الجميلة التي أعتز بها وأسمِعها لبعض أصدقائي السميعة. الموسيقار غازي علي لم يقتصر جهده على هذه الأعمال فحسب بل عبر الحدود وتعاون مع فنانين وفنانات عرب وذلك أثناء دراسته في القاهرة والتي استغرقت ثماني سنوات تقريبا.. وقد لحن للفنان طلال مداح ولحن للفنان وديع الصافي أغنية ياليالينا الجميلة وللفنانة فايزة أحمد أغنية شكوى كلمات الأمير عبدالله الفيصل وقدم للفنان محمد قنديل أغنية ياريت طبعك جميل زيك من كلمات محمد سعد عبد الغني، وكما تعاون مع الفنانة سعاد هاشم بمفرق الوادي كلمات شاعر لبناني وأغنية مرحبا من كلمات الشاعر حسن عبدالله القرشي، وأيضا تعاون مع الفنانة عايدة بوخريص بأغنية جدة كلمات يوسف رجب، وأماني العمر من كلمات عبدالرحمن حجازي، وتعاون مع الفنانة سميرة توفيق بأغنية ياشجرة الزنجبيلة إعداد من الفلكلور وكذلك أغنية عنابك طاب واستوى من كلماته وألحانه، وتعاون مع الفنان فهد بلان بأغنية ياقمري لاتبكي من كلماته وألحانه، وياقمرنا يامليح من كلمات لطفي زيني، وأيضا قدم ألحانه للفنانة سعاد محمد فأبدع لها أغنية هاهنا كنا كلمات شاعر لبناني.. ومن أشهر أغنياته التي يعتز بها «عذبتني في جفاها» كلمات شاعر لبناني، وصار الهوى أكبر أيضا لشاعر لبناني، أيضا لحن للشاعر أحمد صادق أغنية يانسيم ياللي رايح، وللفنان ماهر العطار لحن له أغنية اجري ياموجة كلمات عبد العزيز سلام.