فقدت الأمة الإسلامية أحد أبرز علمائها، الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين (84 عاما)، الذي وافته المنية أمس في الرياض، وكان قد دخل العناية المركز في مستشفى الحرس الوطني بعد تدهور حالته الصحية لالتهاب رئوي حاد. وسيُصلى على الفقيد عصر اليوم في جامع الراجحي في الرياض. وآخر وظائف الشيخ صالح الحصين، رئيسا عاما لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ورئيس اللجنة الرئاسية لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، حيث اعتذر عنهما بسبب ظروفه الصحية. الشيخ صالح الحصين، من مواليد بلدة شقراء عام 1351ه (1932م)، وأتم دراسته في كلية الشريعة بمكةالمكرمة (1374ه)، ونال الماجستير من مصر في الدراسات القانونية (1380ه). عمل الشيخ الحصين، مستشاراً في وزارة المالية والاقتصاد الوطني في عهد وزيرها الأمير مساعد بن عبدالرحمن، وعين رئيساً لهيئة التأديب ووزير دولة وعضواً في مجلس الوزراء عام 1391ه، كلف بعدها برئاسة شعبة الخبراء في المجلس. كان من المساهمين بخبراته القانونية في تأسيس صندوق التنمية العقارية، وتولى رئاسة مجلس إدارة الصندوق. توقف عن العمل الحكومي ما يقارب العقدين، ثم عاد لمزاولة العمل الحكومي بعد تكليفه برئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عام 1422ه، ثم رئيسا للجنة العليا لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في عام 1424ه. وللشيخ أربع بنات وابن واحد، هو الدكتور عبدالله الذي يعمل أستاذاً في كلية الهندسة بجامعة الملك سعود. الزهد والتواضع إلى ذلك، رفع معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، تعازيه لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، في وفاة فقيد الأمة والوطن الشيخ صالح الحصين، الذي أمضى حياته في خدمة دينه ووطنه، فكان رجل دين ودولة بحق، مشيرا إلى أن الفقيد كان موجها لكل أبنائه في الرئاسة، حيث كان رجلا عالما زاهدا متواضعا، يحبه كل من يلتقي به. أما معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، فقد أكد أن الشيخ صالح الحصين، واحد من أبزر علماء الأمة، وكان يشارك في أغلب مؤتمرات الرابطة بعلمه وفكره وحنكته وجهده، حيث كان يثري تلك المؤتمرات بما لديه من علم وحنكة وبصيرة ورؤية مستقبلية، فلقي احترام علماء الأمة ومفكريها قاطبة. ورفع الدكتور التركي تعازيه لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهد الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولذوي الفقيد وأهله ومحبيه، في وفاة العالم الجليل الشيخ صالح الحصين، داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته. فاجعة كبرى من جانبه، وصف نائب رئيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني معالي الدكتور راشد الراجح وفاة الشيخ الحصين ب «الفاجعة التي أذابت القلوب وأسالت الدموع على فراق رجل دولة ودين، ترك وراءه منجزات ومناقب عظيمة». وأضاف الدكتور الراجح والنبرة تخنقه: «لا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون، فقد فقدنا علما بارزا ورجلا مخلصا، نعزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين في وفاة رجل دولة من الطراز الفريد، فقد خدم الدين والوطن في عدة مواقع، وعرف أنه من خيرة الرجال وأنصحهم وأصدقهم وأقومهم وأنقاهم، وقد جمعني به العمل عن قرب في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، حيث أمضينا 10 أعوام في خدمة هذا الكيان لم نسمع منه ما يكدر الخاطر أو يتعارض مع الشريعة السمحة، كان خلاله مثالا للرئيس القادر على احتواء كل من حوله وقيادة المشروع الضخم في الحوار الوطني بكل قدرة، كان حريصا على تنفيذ توجيهات ولي الأمر فيما يخص فتح المجال أمام أبنائنا وبناتنا للحديث عن شجونهم وشؤونهم، لم يغب عن اللقاءات الوطنية المخصصة للحوار في مناطق المملكة، وكان يقدمها عن العديد من مشاغله الكثيرة، زرته في مرضه في مستشفى الحرس الوطني بالرياض مرتين فلما رآني تبسم كعادته وتبادل معي أطراف الحديث حول المركز وأهمية استمرار الحوار لخدمة الدين والوطن، كان يكثر من التهليل والتكبير والتسبيح، وفي آخر زيارتي له في المستشفى كان يمضي وقته في ترديد الآيات الكريمة، رحمه الله رحمة واسعة، فقد كان رجلا صالحا، وله من اسمه نصيب أوفر». الأصالة والمعاصرة وفي الوقت الذي قال فيه الدكتور عبدالله فدعق عن الشيخ صالح الحصين «عرفت فيه الأصالة مع المعاصرة، والصمت الحكيم، وتقدير الناس، والزهد الحقيقي»، فإن المهندس عبدالعزيز حنفي يؤكد أن الشيخ صالح الحصين واحد من العلماء الذين قل أن يتحدث، موضحا أن عمله يسبق حديثه، إضافة إلى تواضعه وزهده وحب الناس له، أدار جلسات الحوار الوطني بكل علم ورؤية وحكمة، وأعماله الجليلة جعلته محل ثقة القيادة وامتداح أبناء الوطن له. ثقة القيادة ويشير الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان فيصل بن معمر، إلى أن الشيخ الحصين جمعه ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بتولي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف مع رئاسة اللجنة الرئاسية لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وتوجيه وتنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لترسيخ الوسطية والاعتدال، وجعل الحوار طبعا من طباع المجتمع السعودي، وأسلوب حياة. وقال ابن معمر معقبا: «لن أنسى ترديده الدائم لمآثر وجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، -حفظه الله- ودعاءه المستمر لمقامه الكريم آناء الليل وأطراف النهار، وأن يوفقه ويسدد خطاه؛ لخدمة الدين والوطن، وقد روى لنا من الحقائق ما يعجز القلم عن سرده من إنجازات وتوفيق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كثير من المشاريع المرتبطة بالحرمين خصوصاً أو الوطن بصفة عامة». وأضاف ابن معمر: «والدنا الشيخ الحصين، وإن كانت شهادتي في معاليه مجروحة؛ كما هو معروف عنه، شخصية ذات نسيج مختلف، يرى أن العمل الخيري والاجتماعي والإنساني أكثر إمتاعا له من الوظيفة الرسمية، وأمثاله في سلوكه وقناعاته قلة؛ وهو بهذا يؤسس مدرسة في نكران الذات؛ فضلا عن أنه شخصية تجمع على احترامها الأغلبية من أبناء هذا الوطن، بوصفه رجلاً عطر السمعة وحسن السيرة ومعروف عنه الكثير من الخصال الحميدة».