مع حلول الليل يغني سكان بحرة «مرت سنة والعين يعشقها السهر، مرت سنة وأنا انتظر»، رغم أن الواقع ربما يأتي مغايرا للأغنية الشهيرة التي غناها فنان العرب محمد عبده، بعدما مرت سنتان دون أن يجد أهالي بحرة سوى السهر من البعوض الذي حرمهم من النوم، وفرض عليهم السهر الإجباري، فيما لم يتدخل أحد لتغيير الواقع طيلة تلك الشهور. وبين الروائح الكريهة النابعة من المياه الآسنة والحشرات المنتشرة في الجزء الجنوبي من أحياء بحرة، يعايش الأهالي الواقع بصعوبة، فيما يتواصل طفوحات المياه الجوفية ليختلط الحابل بالنابل. ويعرف الأهالي أن أصواتهم بحت من الشكوى التي طال أمدها وبلغت مدى العامين، دون أن تجد آذانا صاغية، حيث يرى محسن القحطاني من سكان بحرة أن: «معاناتنا لا تتوقف عند انتشار البعوض وحسب بل تتعدى إلى حد الاستغراب من هذا الصمت المريب وعدم التفاعل مع الوضع البيئي الملوث الذي لا يحتاج للحديث عنه لأن آثاره ظاهرة للعيان في حي مكتظ بالسكان». ويضيف: «بتنا نخشى على أطفالنا وأسرنا من الأمراض التي ينقلها البعوض إذا لم يتم السيطرة على الوضع في أسرع وقت ممكن، خاصة أن حياتنا تحولت إلى صراع مع الحشرات والروائح واستنفدت مكافحتها جزءا كبيرا من مداخيلنا مما أثر على معيشتنا وحياتنا اليومية ما دفع البعض إلى إعادة ترميم منزله جراء التصدعات التي أحدثتها تدفقات المياه المستمرة وبناء مصدات اسمنتية على محيط الحزام الخارجي للمنازل لمقاومة الجريان المتواصل للآسنة». ويصف عبدالهادي المشعلي الوضع بالسيئ جدا من الناحية الصحية: «حيث أدت برك الآسنة وتدفقها في أزقة وشوارع الحي إلى تكاثر البعوض بشكل كبير وظاهر أدى إلى ظهور حالات لحمى الضنك وإصابة الأطفال ببعض الأمراض الجلدية والحساسية جراء لسعات البعوض». وأضاف: «قدمنا شكاوى بالمئات للجهات المختصة من الأضرار التي نعانيها ولكن لم يتم عمل أي شيء حتى الآن حيث توقفت مؤشرات الاستجابة عند حدود التطمينات والوعود التي لازلنا نرقب تحققها ونحاول مقاومة سوء الظروف البيئية والعيش في حي منطقة سكنية أجبرتنا إمكاناتنا المادية على العيش فيها لضيق الحال». وكشف علي القحطاني استغلال للمياه التي تتدفق من أنبوب محطة معالجة حداء وتصب في وادي فاطمة الذي يمر ببحرة، حيث يتم استخدامه من قبل العديد من الأشخاص فأصحاب الوايتات يعبئون المياه من الآبار التي تنتشر على طول الوادي أو من خلال المياه الجارية مباشرة في الوادي: «والشخص العادي لا يمكنه أن يفرق بين المياه المعالجة والمياه الطبيعية لذلك تجد الكثير من الأسر يأتون للتنزه بأطفالهم وقد يستخدمون المياه في أغراضهم الشخصية». وأكد عضو المجلس البلدي في العاصمة المقدسة منيف مثيل المطيري أن المجلس عقد عدة جلسات حول التلوث والتسربات، حيث ناقش المجلس في اجتماعه مع الشركة الوطنية للمياه وذلك في مقر بلدية بحرة الفرعية مصدر المياه التي تخرج من باطن الأرض والتي اشتكى منها الأهالي، ومحاولة التعرف على مصدرها، وأشارت الشركة خلال الاجتماع أن المياه جوفية، فيما شدد المجلس على أنها مشكلة التسربات. وأضاف أن المجلس عقد اجتماعا آخر مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة وشركة المياه الوطنية في مكةالمكرمة وصحة البيئة من أمانة العاصمة المقدسة في مقر بلدية بحرة الفرعية، وتمت مناقشة تسرب المياه في بحرة وحداء، وطالب المجلس سرعة إيجاد الحلول وإنهاء المشكلة ومعرفة أسباب تلك المياه. إيقاف شبكة المياه أكد مصدر من مركز بحرة توجيه خطاب لإمارة منطقة مكةالمكرمة تضمن رأي اللجنة المكونة من الشؤون الصحية والدفاع المدني وصحة البيئة في العاصمة المقدسة بأن تقوم هيئة المساحة الجيولوجية بدراسة الوضع الذي لا يزال قائما وآثاره بدأت تهدد سلامة المنازل فضلا عما أدت إليه من أضرار صحية للسكان، مشيرا إلى أن اللجنة أوصت بأن تقوم الشركة الوطنية للمياه بإيقاف الشبكة وتأمين اثنين من الوايتات لكل منزل شهريا مجاناً إلى أن يتم تحديث الشبكة وكذلك أوصى بأن تنفذ الشركة شبكة صرف صحي.