أزاحت الأيادي الناعمة، العضلات الرجالية عن مواجهة الأفران الحرارية، متحديات حرارة «التنور»، لتقديم الخبز والمعجنات، معلنات قدرتهن على تحمل مشاق العمل. ولم تتوقع دانة القحطاني 36 سنة خريجة علوم وأطعمة من كلية التربية قسم الإقتصاد المنزلي، أن تجد فرصتها في التعبير عن إمكانياتها، بعدما عملت عاملة نظافة لتسعة أشهر في مستشفى الولادة بالمساعدية، فما أن وجدت وظيفة في أحد المخابز، حتى قدمت أوراقها عن طريق الموارد البشرية، لتجد نفسها مؤهلة بحكم تخصصها لتعمل مشرفة على العاملات المتخصصات في إعداد الخبز والكيك. وتعترف أن وجودها كان حافز لزميلاتها في العمل بجد: كان يشرف عليهن رجل، الأمر الذي تسبب لهن في معاناة نفسية في ظل العادات المعروفة بالإضافة إلى التخوف من إجحافهن في التقييم، وفور وصولي تغير الحال تماما، ووجدت العاملات الفرصة في الإبداع أكثر والعمل بمهارة، وهنا إيجابية العمل في قسم نسائي خاص، لأن الراحة النفسية أساس العمل، والذي يستمر لثماني ساعات. وتشير إلى أن العمل أمام «التنور» يروجه الرجال على أنه مهنة رجالية، لكنه «لعبة» نسائية بنسبة 100 %، فالمرأة قادرة على العمل في مواجهة حرارة الأفران، وتقديم الأفضل في الخبز والكيك، وتزيينه، لأنهن ربات بيوت، ويجب استثمارهن في هذا المجال. وتتذكر دانة كيف كانت بعيدة عن مجالها في أول وظيفة تلقتها، فيما تعرضت للبطالة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، الأمر الذي دعاها للتوجه إلى عدة خيارات منها المدارس الأهلية وشركات ديكور، مضيفة أن قلة الوظائف المتاحة للفتيات يدفعهن للابتعاد عن تخصصهن، وترويج مفهوم عدم رغبة الفتيات للعمل في أي موقع، والعمل في أي مجال ليس عيبا. وعلى ذات الخطى نجحت وضحة القحطاني 30 سنة وخريجة متوسطة في العمل في المخبز، والذي اعتبرته يمثل لها استقرارا نفسيا، خاصة أنها تجيد هذا النوع من العمل: حيث قالت: كنت قبل أشهر في وردية السلطات، والآن تحولت إلى المخبز على خطوط الإنتاج لصنع عجائن الحلوى وهذا مناسب لشخصيتي ووضعي الاجتماعي، وإن كنا نتطلع لزيادة الرواتب عن 3500 ريال المخصصة لنا. وفي نفس القسم تعمل دلال الغامدي 27 سنة خريجة بكالوريوس جغرافيا، وسرى 25 سنة خريجة متوسطة، وهوازن الزهراني 26 سنة، وفاطمة السعد 24 سنة خريجة ثانوي، حيث يعملن على خط إنتاج وتزيين الكعك والبيتوفورات والشابورة والبقلاوة وتغليف الشوكولاته، مشيرات إلى أن بعضهن للمرة الأولى يشعرن بطعم العمل.