دكاكين الخبز الأحمر "الشعبي" في واحة الأحساء الزراعية، تبقى الأكثر حضوراً على خارطة السياحة "التراثية" في الأحساء، بعد أن أصبحت نافذة رئيسية على ثقافة وتراث المنطقة، وتستقبل هذه الدكاكين التي تعيش حالة من الانتعاش من بعد صلاة الفجر حتى موعد صلاة العشاء يومياً على مدار السنة أفواج السياح من جميع مدن المملكة، ودول مجلس التعاون الخليجي، بروائح زكية. يقول صاحب مخبز على الطريق الزارعي، بالقرب من عين اللويمي في مدينة الهفوف، وليد بن خليل أجواد (46 عاماً) إن الخبازة مهنة قديمة جداً توارثتها أسرته, واكتسبها وأشقاؤه من والدهم، وبدأ في مزاولتها منذ أن كان عمره 12 عاماً، وهو الآن ينقل خبرته إلى ابنه وليد الذي يبلغ عمره 16 عاماً. وأشار إلى أن "ممارسي هذه المهنة قليلون جداً، حيث تتطلب مهارة وخبرة كبيرتين، والصبر، والقوة الجسمانية، وتحمل درجات حرارة مرتفعة أثناء العمل بكل جد واجتهاد، فلا تستطيع أن تغفل لحظات بسيطة عن التنور حتى لا يتعرض الرغيف للتلف بفعل زيادة الحرارة عليه، فالحد الأقصى لبقاء الرغيف داخل التنور يتراوح ما بين 15 إلى 25 ثانية فقط". وأضاف أن "طاقة الخبز الإنتاجية، تتجاوز ألف رغيف خبز يومياً، وفي بعض الأيام تزداد تبعاً لحجم الطلبات، حيث إن بعض الأسر، توزع أرغفة الخبز الأحمر في بعض مناسباتها، أو يضعونه على موائدهم الكبيرة، والسائحون ومعظم زوار الأحساء يحرصون على شراء الخبز بكميات كبيرة، وبعض الوفود السياحية تطلب تجهيز نحو 300 رغيف دفعة واحدة". وأشار أجواد إلى أنه "مع الوقت، أصبحت صناعة الخبز مهنة يتفنن العاملون فيها ، من خلال صناعة خبز أحمر بالجبن أو العسل أو اللبنة أو أي نكهة نزولاً عند رغبة الزبائن"، مؤكداً أنه بالرغم من تطور المخابز الآلية، إلا أن الإقبال متزايد على الخبز الأحمر الحساوي، مستشهداً على ذلك بكثرة الاتصالات التي يتلقاها أثناء إغلاق المخبز، وانتظار زبائن كثيرين في أمام المخبز إذا كان مغلقاً. وعزا أجواد الإقبال الكبير على الخبز الأحمر إلى القيمة الغذائية التي يتمتع بها، بجانب مكوناته الغذائية المفيدة للجسم، التي من بينها دقيق البر، والسكر، والتمر، ومادة الحلوة، وحبة البركة، والحبة السوداء. وقال إن "الخبز الحساوي يكتسب لونه من لون التمور المستخدمة في العجينة، ومن الأفضل اختيار تمر الخلاص لإكسابه مذاقاً مميزاً، مشيراً إلى أن "استخدام التنور "الطيني" في إعداد الخبز الأحمر الحساوي، أفضل بكثير من أي تنانير أخرى كالصاج أو المعادن الأخرى، حيث إن استعمال الحطب بدلاً من الغاز يجعل الخبز أطيب طعماً". وأكد أجواد أن مهنة إعداد الخبز الأحمر تحظى بعناية واهتمام الجهات الحكومية المختصة، منها دعم إدارة فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في الأحساء، وإدراج مواقع المخابز الشعبية ضمن المسارات السياحية، بالإضافة إلى التسهيلات الأخرى في الحصول على التراخيص لتشجيع المواطنين على الحفاظ عليها ومنع اندثارها.