كانت ليلة الوفاء التي جمعنا بها الدكتور محمد بن عبدالله المشوح (صاحب ملتقى الثلوثية المعروف) مساء 19، 20/صفر/1434ه احتفاء بالدكتور عبدالله بن صالح الوشمي بعد استقالته من رئاسة مجلس إدارة نادي الرياض الأدبي، مؤخرا، لتفرغه للأمانة العامة لمركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية. وفي الحقيقة أنها كانت ليلة حافلة تفيض بالود والوفاء والتقدير لهذا الرجل الذي بذل من وقته وجهده الشيء الكثير، منذ أصبح عضوا بمجلس إدارة النادي قبل سبع سنوات، إذ كان في السنتين الأوليين نائبا لرئيس المجلس، إضافة لعمله أستاذا للأدب العربي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومستشارا ثقافيا في وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، إضافة للبرامج الثقافية التي كان يقدمها من الإذاعة وغيرها. وبعد اختيار رئيس النادي السابق الأستاذ الدكتور سعد البازعي عضوا بمجلس الشورى وتخليه عن عضوية النادي – رئيسا، خلفه الدكتور الوشمي بإجماع أعضاء مجلس الإدارة.. وفي عهد الانتخابات تم انتخابه رئيسا مرة أخرى. وكان والحق يقال شعلة نشاط دائمة، فرغم أن النادي مر بمراحل جمود وخمود في السابق إلا من بعض الفترات المحدودة، وبالذات العقد الأخير من عمره، والذي يصل إلى أربعة عقود، ولا ننسى فترة يسيرة لا تتجاوز السنتين من عقده الأول في عهد رئاسة الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، إذ أولى اهتماما بالنشر اذكر منها (كتاب الشهر) و(الكتاب السنوي) وغيرها من البرامج المنبرية. أقول إن العقد الأخير، ومنذ تولي الدكتور محمد الربيع، بدأ ينفض عنه الغبار ويحاول أن يعيد له ما افتقده من وهج، وانتهت مدة الرئاسة أربع سنوات، فرفض التجديد معطيا الفرصة لغيره، أعقبه الدكتور سعد البازعي، والذي لم يكمل فترته الرئاسية لاختياره عضوا بمجلس الشورى، وبدأ العهد الجديد بنشاط مكثف لم يعتد عليه أحد، ما أكسبه الكثير من الرواد، وأصبح يقيم عددا من النشاطات في اليوم الواحد، ومن النادر أن يمر يوم في الأسبوع دون نشاط منبري أو دورة تدريب أو أمسية أو ندوة حوارية، وليلة فنية مع منسوبي بعض السفارات العربية والصديقة، إضافة للمطبوعات من كتب ودوريات وغيرها. جئت فرحا قبل موعد اللقاء، وقلت للمضيف: إن العادة جرت أن يحتفى أو يكرم من رحل عنا، أو على الأقل من وصل إلى خريف العمر، أما أن يتم الاحتفال بمن هو في ريعان شبابه فهذا خلاف للقاعدة المألوفة.. فضحك ولم يعلق. بدأ الحفل، بعد مجيء راعيه الدكتور عبدالله الجاسر نائب وزير الثقافة والإعلام، بكلمة ترحيب من المضيف أعقبه المحتفى به الوشمي، مستعرضا بدايات تعلقه بالثقافة وتأثره بوالده صالح الوشمي – رحمه الله - نائب رئيس النادي الأدبي في القصيم، ثم دراسته والتحاقه بالنادي، شاكرا أعضاء النادي على تعاونهم، ومجيرا ما تحقق من نجاحات لهم وبفضل جهودهم ومشاركاتهم المستمرة، أعقبه كل من الأساتذة الدكاترة محمد الربيع، حمد القاضي، عبدالله الحيدري (خليفته في رئاسة النادي)، محمد الهدلق، محمود عمار، عبدالعزيز الهلابي، ثم راعي الحفل عبدالله الجاسر. كنت أرغب في المداخلة لولا رغبة الكثير ممن اكتظت بهم القاعة. كنت سأقول إنني ممن عاصر النادي وتابع نشاطه منذ كان يشغل غرفة واحدة فقط في جمعية الثقافة والفنون بالمربع، عند تولي أبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري رئاسته، ثم انتقاله إلى مبنى صغير بجوار معهد الإدارة عام 1401ه، ومرت السنوات والنادي لم يتسن له أن يؤدي دوره الحقيقي، وشهادة لله أن فترة وجود الوشمي هي الفترة الذهبية بلا منازع، الكل يجمع على هذا الحكم (فمن شابه أباه فما ظلم) كما يقول العرب. لقد حول النادي إلى شعلة نشاط مستمر، وقد أرهق متابعيه وأحرج من سيخلفه، ولكني أثق بقدرة الدكتور عبدالله الحيدري وزملائه على الاستمرار على هذه الوتيرة أعانهم الله ووفقهم. وكلمة أخيرة لأبي فراس، أنه قد تخلى عن رئاسة النادي برغبته وحرصه على التفرغ لأمانة مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، وهذه مسؤولية صعبة ينظر إليها على المستوى العربي والعالمي، والكل ينظر وينتظر ما يسفر عنه، مع ثقتنا بأن أي عمل يكلف به الوشمي سينجح وسيعطي أكله؛ لثقافته الواسعة وحسن تعامله والحكمة والخلق اللذين يتحلى بهما والنية الحسنة وحب الجميع له.. وفقه الله، وأعاد على يد المركز ما افتقدناه من وهج للغة العربية وإزالة ما علق بها من ضعف ووهن. محمد بن عبدالرزاق القشعمي [email protected]