دولتان عابثتان في الشرق الأوسط، عداؤهما لبعض معلن ومزمن، إلا أن ما لم أستوعبه أن تمر حادثة خطيرة وعلى درجة عالية من الأهمية دون أن تثير أي اهتمام ولا يكون لها صدى بين الدولتين. إسرائيل وإيران عداؤهما لبعض معلن والكل يعرفه، والظاهر الذي لا أحد يشك فيه أن الدولتين تنتظران الفرصة لحدوث أي تجاوزات باتجاهها من الأخرى لتقيم الدنيا وتقعدها.. إلا أن هذا لم يحدث عندما حلقت طائرة بدون طيار إيرانية الصنع في سماء إسرائيل ووصلت إلى أهم المواقع الحساسة داخل إسرائيل. وبعد إسقاط الطائرة وإعلان اسرائيل أنها بصدد التأكد من المصدر الذي أطلقها، ودون تردد أو خوف من الرد الإسرائيلي وقبل أن يتأكد مصدر إطلاق الطائرة، بادر حسن نصر الله بإعلان حزب الله في لبنان مسؤوليته عن إطلاق الطائرة، معرفا بأن الطائرة صناعة إيرانية. وطبيعي الكل يعرف أن حزب الله في لبنان قوة متقدمة لإيران يعول عليها الكثير في المنطقة ويؤكد ذلك دورها في الصراع السوري. سمعنا ومعنا العالم أجمع خبر الطائرة الإيرانية بدون طيار التي حلقت على معظم الأراضي الإسرائيلية الأكثر حساسية وأعلن حزب الله في لبنان بكل صلف مسؤوليته عن إطلاق الطائرة بدون طيار. الشيء الذي لا أستطيع تفسيره أو استيعابه الموقف الإسرائيلي الذي لم يتجاوز الإعلان عن إسقاط الطائرة وبعض التصريحات التي لا تؤكد أنها بصدد اتخاذ أي إجراء ضد إيران أو حزب الله. من هذا المنطق، أستطيع القول أنه كل ما نسمعه بين الدولتين مناورة لا يمكن أن يكون تحت ظلها عداء بالشكل الظاهر، ومهما كانت سياسة الدولتين تجاه بعضهما فعلينا أن نتذكر تقاربهما أثناء الحرب الإيرانية العراقية وكيف استطاعت إيران أن تجعل من إسرائيل لاعبا أساسيا في تزويدها بالسلاح كون سلاحها آنذاك أمريكي الصنع بكامله، يقابل ذلك علاقات مقطوعة بين إيران وأمريكا. لا تستغربوا المصالح تحتم أكثر من ذلك.