شتان ما بينه وبيني، فهو الغني الكبير، وأنا الموظف الأجير الذي أقتات من راتبي لحد التقاعد.. وبما أن بيني وبينه مزاح كثير، قلت قاصدا إغاظته: أنت من الأغنياء الكبار فمن الواجب أن تسهم في مشاريع على قدر استطاعتك فلا تقارني بك وأنا الموظف البائس وأنت تعرف ذلك جيدا، فلماذا المكابرة !؟. قال وهو يصلح من شأن جلسته ويضبط أعصابه: هل تظنني فلان أو فلان.. يا أخي لا تقارني بهؤلاء.. قطعت عليه استرساله، قائلا: ولكن لديك الملايين المكدسة غير العقار، فلمحت مسحة غضب بتقطيب حاجبيه، فأردفت قائلا: زادك الله من فضله، ليس هذا بحسد، بهذه الكلمات كظم غضبه، فاسترسلت قائلا له: وأنا العارف بواطن أموره العائلية، وهي النقطة المهمة التي أحب الوصول إليها. ما فائدة المال ما لم يكن ريعه للعيال وهم بأمس الحاجة إليه لينتفعوا به في حياتك ويدعوا لك في مماتك.. نظر إلي وقال: أحد اشتكى لك.. قلت: لا ، ولكن هذا مما لمسته من حالتك وحالة أولادك المزرية وأبوهم الغني الذي يقرض الخلق، ربما بفوائد ربوية ، فقاطعني بحدة .. ولا أخفيكم سرا ، فقد فتحت على نفسي طاقة من الجحيم ، وبيني وبينكم خفت أن تصبه جلطة بسبب زيارتي ومناقشتي له، والتي كانت بإيعاز من بعض أهله ورطوني، كوسيط ناصح له، الحارم لنفسه وأولاده من متعة المال، ذلك الحرمان الممض. حقا إنه الغني الفقير «القلب» واليد الشحيحة، ولا أقول المغلولة، وبمثل صاحبنا هذا الغني الفقير، هو ممن يكونون خادمين للمال وليس المال خادما لهم.. وفي النهاية يذهب المال في سبيله لحالتين .. الأولى يتمتع بالمال الورثة وقد وصلهم بعد شح ومعاناة ، فربما يتحول المال لبطر تعود ارتداداته لمساوئ على ورثته .. والحالة الثانية فإن المال الموروث سيجر لقضايا بين الورثة ويحدث الكثير من المشكلات العائلية فيما سيحصل من منازعات قضائية، وهو الشيء الملموس في كثير من قضايا الورثة التي تعثرت المحاكم في البت بها فبقيت عالقة لسنوات طويلة.. في نهاية الحديث أو قل في نهاية السهرة المملة كما بدت معالمها على ملامح صاحبنا، تحفزت للمغادرة، فجأة وجدته يقف يزيح الستارة عن النافذة، قلت في نفسي الرسالة وصلت، سأخرج مع الباب بكرامتي، فقلت وأنا أمشي الهوينى: حان موعد العشاء عند أولادي، قال: أكيد العشاء مع العيال أفضل، فتعجبت في نفسي، ولم أرد ولم يعقب، ولكن صفعة الباب خلفي زادتني يقينا أنه الغني الفقير، المحروم من متاع الدنيا الزائلة، فما أكثر هذه العينة من عبدة المال .. والعياذ بالله !!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 263 مسافة ثم الرسالة