يتناول الكتاب والمثقفون والحقوقيون محاور قضايا المرأة وحقوق الإنسان بشكل عام، وهؤلاء الكتاب لا أدري حقيقة إلى متى سيظلون يغردون خارج السرب، فهم برأيي لا يؤدون رسالة، ولا يحققون هدفا. فطالما النظام الاجتماعي يعتبر أن تكويناته الكبرى مناطقيا وقبليا هي أساس وجود أي تجمع. فهذا التصور يؤدي، وبلا شك، إلى تضاؤل قيم الفردية والتفرد والحرية الشخصية، ويتحدد مدى ذلك حتى في نطاق الأسرة وتحت سلطة أعرافها وثقافتها ودينها، باعتبار أنها بذرة المجتمع بكل مكوناته، ومن هنا يظل الفرد رجلا كان أو امرأة تحت تحكم وسلطة ووصاية المكونات الاجتماعية الأكبر، فهي من تقدر له حقوقه ونسبتها، وتحدد له حرياته وطريقة حياته ومعيشته، وتلزمه بقناعاتها وثقافتها ومصالحها، وما على الفرد إلا الرضوخ لها. ومن اللافت حقا في حياتنا الاجتماعية أنه عندما يتمرد الفرد على الأسرة مثلا ويجتهد لانتزاع جزء من استقلاليته وحريته وحقوقه القانونية والشرعية، فإن الأسرة لا تتوانى في اتخاذ جميع السبل لاستعادة هذا الفرد، وإجباره على الخضوع والانقياد والامتثال لطاعة الأسرة، وطريقة الحياة التي تختارها لهذا الفرد، الذي حاول العقوق والتمرد على سلطتها الجبرية الجماعية، والتي هي بالأساس تلبي احتياجات جماعة أكبر منها. وبناء على ذلك، يتضح أنه لن يتحقق للفرد، سواء أكان رجلا أو امرأة، أي اعتبار إنساني خارج الإطار الأسري الضيق، الذي يتحدد بمصالح الجماعة، إلا عندما تعاد هيكلة اعتبار الأسرة نواة للمجتمع، وجعل الفرد هو نواة وأساس المجتمع.. ففي هذه الحالة ستنال المرأة ومختلف الشرائح الاجتماعية حقوقها وإنسانيتها التي صادرتها الجماعة تحت مبررات واهية لا تمت للقانون أو الشرع بصلة.