الاشتقاق في اللغة، هو أن يشتق بعض الكلام من بعض، مثل اشتقاق اسم الجن أو الجنين داخل الرحم، من الاجتنان بمعنى الاستتار والتخفي. وقد ألف في علم الاشتقاق جماعة كبيرة من علماء اللغة مثل الأخفش وقطرب والمبرد والزجاج وابن السراج والرماني والنحاس وابن خالويه وغيرهم.. على أية حال لست هنا بصدد حديث ثقيل في علم اللغة، وإنما أنقل لكم منه ما خف وظرف. فبعض أحاديث علماء اللغة فيها كثير من الطرافة الناجمة من حذلقتهم المتناهية. يقول ابن المعلى الأزدي في (كتاب الترقيص) نقلا عن أبي حاتم أنه قال: سألت الأصمعي: لم سميت منى منى؟ فقال: لا أدري. فسألت أبا عبيدة فقال: لم أكن مع آدم حين علمه الله الأسماء فأسأله عن اشتقاق الأسماء. فأتيت أبا زيد فسألته فقال: سميت منى لما يمنى (يراق) بها من الدماء!!. وعن اشتقاق اسم (ثادق) يقول ابن خالويه: سمعت ابن دريد يقول: سألت أبا حاتم عن ثادق (اسم فرس)، من أي شيء اشتق؟ فقال: لا أدري. فسألت الرياشي عنه فقال: يا معشر الصبيان، إنكم لتتعمقون في العلم. فسألت أبا عثمان الاشتانداني عنه فقال: يقال ثدق المطر إذا سال وانصب فهو ثادق، فاشتقاقه من هذا. وعن اشتقاق اسم الخيل يقول الزبيدي في طبقات النحويين، سئل أبو عمرو بن العلاء عن اشتقاق الخيل فلم يعرف، فمر إعرابي محرم فأراد السائل سؤال الإعرابي فقال له أبو عمرو : دعني فإني ألطف بسؤاله وأعرف، فسأله، فقال الإعرابي: استفاد الاسم من فعل السير، فلم يعرف من حضر ما أراد الإعرابي، فسألوا أبا عمرو عن ذلك فقال: ذهب إلى الخيلاء التي في الخيل والعجب، ألا تراها تمشي (العرضنة) خيلاء وتكبرا. و(العرضنة تعني أنها تمشي معترضة مرة من وجه ومرة من آخر). أما اشتقاق اسم الجرجير فقصته قصة، فقد حكى المنجم أنه سأل الزجاج: من أي شيء اشتق اسم الجرجير؟ فقال: لأن الريح تجرجره. قال: وما معنى تجرجره؟، قال: تجرره، ومن هذا قيل للحبل الجرير، لأنه يجر على الأرض. قال: والجرة، لم سميت جرة؟ قال: لأنها تجر على الأرض. فقال: لو جرت على الأرض لانكسرت. قال: فالمجرة لم سميت مجرة؟، قال: لأن الله جرها في السماء جرا. قال: فالجرجور الذي هو اسم المائة من الإبل، لم سميت به؟ فقال: لأنها تجر بالأزمة وتقاد. قال: فالفصيل المجر الذي شق طرف لسانه لئلا يرضع أمه، ما قولك فيه؟ قال: لأنهم جروا لسانه حتى قطعوه. قال: فإن جروا أذنه فقطعوها تسميه مجرا؟ قال: لا يجوز ذلك. فقال: قد نقضت العلة التي أتيت بها على نفسك، ومن لم يدر أن هذا مناقضة فلا حس له .. نلاحظ هنا كيف أن بعض من سئل من علماء اللغة العقلاء عن اشتقاقات الأسماء ربأ بنفسه عن الإجابة واكتفى بقول لا أدري أو رد ردا ساخرا كما فعل أبو عبيدة حين سئل عن اشتقاق اسم منى. لكن البعض الآخر يصر على المضي في المغالاة في المعرفة وإظهار التمكن من تتبع أصول الكلمات ومعرفة منابعها، إصرارا قد يوقعه في الحرج في بعض المرات عندما ينكشف خطأ قوله كما حصل مع ادعاءات الزجاج في تتبعه اشتقاقات اسم الجرجير. فاكس: 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة