يبدو أن المفحطين من مراهقي أبها، اتخذوا من حي (المنسك)، مقرا للمخاطرة بأرواح الأبرياء وأرواحهم، ونقطة لتحدي الموت في مغامرة عجزت عقولهم الغضة عن إدراك ملامحها الواضحة للعيان، وأضروا بسكان الحي في مناح شتى، فقبل أن يضع الأهالي أصابعهم في آذانهم من صرير إطارات سيارات المفحطين المزعجين، يجمعون تلك الأصابع أكفا على قلوبهم، وتشخص أبصارهم بحثا عن بعضهم البعض، ولا ترمش جفونهم حتى يتأكدون من سلامة أهل البيت أولا، فإن اجتمع أحدهم خارج المنزل بأصوات المفحطين، فنسبة موته والنجاة تنقسمان مناصفة، ولا يحكمها إلا قدرة من الحظ. ومن بين تفاصيل لحظات رعب المفحطين، تأصلت مخاوف الأمهات تحديدا، فحبسن أطفالهن الصغار في المنازل، ويتعلقن بجلابيب الكبار وداعا واستقبالا، كل هذا.. ولا مبالغة، فإن سلم الناس من الأذى الجسدي حتى الآن، فلن ينعموا بطول سلامة إن استمر الحال على ماهو عليه، من استهتار المفحطين بأرواح الآخرين قبل أرواحهم، بدليل حوادثهم المرورية المتكررة في الحي، والتي لم تتجاوز الخسائر المادية حتى الآن ولله الحمد . بالطبع مكمن معاناة الأهالي نفسية، فالخوف والقلق والإزعاج يتوسدون مخادهم جنبا إلى جنب، فلا وقت يحكم طيش المراهقين، إن كان «كتابا موقوتا» فجرا وظهرا وعصرا ومغربا وعشاء، أو ما بينهما سنن تفحيط درجوا عليها، وكفرق الخيالة تدربوا على مراقبة المخارج والمداخل ودرسوا مخطط الحي وأحكموا تجويده، وزاد من مهارات وحدتهم وسائل الاتصالات الحديثة، فما أن تقبل الدوريات الأمنية أو المرور لمباشرة بلاغات الأهالي، حتى يغادرون الموقع بأسرع مما دخلوه، ولا يبقى إلا شواهدهم مرسومة على «وجه» الأسفلت، وكأنها تذكر السكان بأن هناك من أتى ويُمكن أن يعود، ليكمل رسمه على «ظهر» الإسفلت. جابر علي القحطاني ناسك في الحي أو ساكن قال «اتخذ المراهقون من الحي ساحة تفحيط يومية، رغم أنه وبحكم المباني لا يناسب هوايتهم المميتة، والتي يتعدى خطرها ممارسيها، إلى الآخرين من السكان والمارة، إلى جانب الخسائر والتلفيات المادية نتيجة حوادثهم المرورية، والتي يهربون من مواقعها فورا». وأضاف «ينتهزون غياب الدوريات الأمنية في الحي، ولا يتوانون عن أفعالهم المزعجة في أي ساعة من النهار أو الليل، وكأنهم وحدهم في المكان ولا يشعرون بما يسببونه من ضرر يلحق بالآخرين، ولديهم إصرار عجيب على اقتحام المخاطر، وسبق أن وضعت الجهات المعنية كتل خرسانية في الموقع للحد من سلوك المفحطين، إلا أنهم أصروا على اقتحام التحدي، ولا زالوا على ممارسة هوايتهم المخالفة للأنظمة، رافعين بذلك من هامش الهلاك على شوارع الحي (السكني)». خالد محمد العسيري، يقول «شهد الحي العديد من الحوادث المرورية بسبب المفحطين، معظمها كبد السكان خسائر مادية نتيجة الارتطام بسياراتهم، وهي متوقفة أمام منازلهم، كما حوادثهم وصلت إلى حد ارتطام بعضهم ببعض نتيجة كثافة تواجدهم داخل الحي، وسبق أن تجاوبت الدوريات الأمنية، ودوريات المرور، ودوريات المرور السري، إلا أن كل ذلك لم يمنع ظهورهم بين الفينة والأخرى متى ما سنحت لهم الفرصة في أي وقت كان من اليوم». مدير عام مرور منطقة عسير، العميد سعيد علي آل مزهر، أكد أن إدارة المرور تلقت عدة بلاغات بشأن هذه الظاهرة، وكثفت الدوريات الأمنية، ودوريات المرور السري، من تواجدها، وقبض على عدد من المخالفين، ويتم تطبيق لائحة العقوبات المرورية عليهم، بدءا من حجز السيارة، وإيقاف «المفحط»، واستدعاء ولي امره إن كان حدثا.