مشهد رئيس مجلس النواب الأمريكي الأسبق نيوت غينغريتش، الذي يتقدم استطلاعات الرأي في سباق المرشحين عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، مشبع بالتناقض والعنصرية، فبعد وصف الأخير الشعب الفلسطيني بأنه شعب تم اختراعه، يخرج على الملأ أمس ليعلن أنه لم يزل يؤيد قيام دولة فلسطينية. الحديث يحمل الكثير من الدلالات والمعاني، وبما يثقل الكلمات ولكن الصورة التي يجسدها هي أنه تجاوز حقيقة أن هذا الشعب الذي يعنيه يقطن هذه الأرض منذ فجر التاريخ. صورة نقيضة الآن حين نمحص تباين الإيجابية القيمية حين يطرح الأمريكيون وغيرهم التساؤل حول ماهية هذه القيم الأمريكية؟ إن ما يساق على نسق حديث غينغريتش يمس مباشرة التصور الذي يقدمه فرد معين أو مجتمع محدد عن نفسه، وأحيانا ما قد تقدمه ثقافة ما عن إطارها القيمي من دلالات تنعكس في فحوى حديث أو فعل. لأي مجتمع الحق في الاختلاف والتنوع في الجزئيات والتفاصيل ضمن مساحات احترام كيان الآخر، خاصة إذا كان شعبا بأكمله. نعم، لا يجوز أن يستغرقنا مبدأ التعميم، والمجتمع الأمريكي له قيمه التي لا يقبل المساس بها، ولا نريد أن نعكس ضمن نسخة واحدة، كحالة غينغريتش، تعميما على كل ذهنيات مجتمع، ولكن لابد من حصانة تقي شعوب العالم المتطلعة كالشعب الفلسطيني إلى دولته وكرامة إنسانه، ولا تأتي على حساب وجوده ومصادرته. وضمن نظام ديمقراطي،كنموذج الولاياتالمتحدة، حيث تستلهم الإدارة عدالتها ومقومات بقائها من توافق شعبها معها وعنها، فإن السياسات تنبثق في جزئيتها من القيم والأولويات التي يضعها المجتمع ككل لنفسه، والحكومة في أذرعها كافة على نهج أعراف ومواثيق دولية. لابد من استدراك حتى لا نمضي في قراءة الصورة إلى أبعد مما تحتمل في مصادرة حق الشعب الفلسطيني في أرضه، ضمن حديث مرشح أمريكي «لم يبلغ حلمه السياسي» بعد. وكان غينغريتش تحدث لقناة «جويش» التلفزيونية اليهودية الجمعة قائلا «أعتقد أن الشعب اليهودي لديه الحق في الحصول على دولة تذكر، لم يكن هناك دولة فلسطين، بل كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية»، وأردفه بحديث أمس عن أنه لم يزل يؤيد قيام دولة فلسطينية، ما يعني أنه مقر بذلك.