كشفت دراسة ميدانية لأنماط العنف في السجون في المملكة، أعدها باحث ضمن برنامجه لنيل درجة الدكتوراه في علم الاجتماع (تخصص الجريمة)، أن هذه القطاعات الإصلاحية تتضمن سيناريوهات من العنف في ظل الظروف المحيطة بالسجناء وخصائصهم النفسية والاجتماعية والثقافية التي تشكل بيئة خصبة لتنامي العنف داخل هذه المؤسسات. وأوضح الباحث يحيى العطوي أن أبرز أنماط العنف في السجون السعودية؛ تتمثل في السب والشتم والتحرش الجنسي وإثارة النعرات القبلية، وأن الشللية تعد أداة لتغذية العنف في السجون. وجاء في الدراسة التي أجراها الباحث الدكتور يحيى العطوي -المتخصص في علم الجريمة- أن هناك ارتفاعا في معدلات العنف بين النزلاء في السجون. وبينت هذه الدراسة أن معظم التفسيرات التي تناولت العنف داخل السجون انطلقت من خلال مسلكين؛ الأول ركز على خصائص السجناء ودورها في انتشار العنف داخل السجون الذي يرجع إلى سمات مرضية تتسم بها شخصيات السجناء. بيئة السجن في حين ركز المسلك الثاني على طبيعة بيئة السجن والأوضاع بداخله كأسلوب معاملة العاملين للسجناء وخبرة وتدريب العاملين وأخلاقهم، وأيضا الازدحام داخل تلك السجون وانعكاساتها على طبيعة العلاقة بين السجن والإدارة. مؤكدا أن العديد من الدراسات توصلت إلى تنامي ظاهرة العنف في سجون الوطن العربي بشكل عام والسجون السعودية بشكل خاص، وأن هذه الدراسة تبين ارتفاع معدلات العنف بين النزلاء في سجون المملكة. وحول أنماط العنف السائدة في السجون السعودية ذكر الباحث أن مجتمع الدراسة استهدف جميع السجون السعودية، وذلك من خلال عينة عشوائية طبقت في سجن الملز في الرياض، سجن عسير، الدمام، تبوك ومكة المكرمة وقد شملت العينة العاملين في هذه السجون وعددهم 250 والسجناء وعددهم 1126 سجينا، وقد توصلت الدراسة إلى أن نسبة السجناء للفئة العمرية داخل السجون هي ما بين 20 29 سنة بنسبة 24.5 في المائة، كما أن المستوى التعليمي الأكثر بين السجناء هي فئة التعليم المتوسط والثانوي بنسبة 41.5 في المائة، وأن نسبة السجناء العاطلين عن العمل بلغت 48 في المائة من مجموع السجناء، وأن أكثر القضايا التي حكم عليها السجناء هي قضايا المشاجرات والمخدرات وبعدها تأتي قضايا السرقة. عنصر الشللية وفيما يتعلق بأسباب العنف داخل السجون، قال الباحث العطوي: توصلت إلى بعض النتائج؛ ومنها أن أكثر العوامل المؤدية لحدوث العنف داخل السجون عوامل اجتماعية، وتشمل عدم حماية السجين إذا تعرض للعنف، بالإضافة إلى تفرد مجموعة من السجناء على بقية المسجونين؛ ناهيك عن وجود التعصب والشللية لأبناء المنطقة الواحدة داخل السجن ويأتي بعدها العوامل الشخصية التي منها الدفاع عن النفس داخل السجن وعدم احترام خصوصية السجناء، كذلك يوجد استفزاز من بعض المسجونين للسجناء الآخرين، كما يعاني بعض السجناء من أمراض مزمنة وهذا يؤدي إلى اكتساب السجين ثقافة العنف داخل السجن، بالإضافة إلى العوامل الإدارية والنفسية. وعن أبرز أنماط العنف المستخدمة من قبل السجناء، قال: أبرز أنماط العنف المستخدمة من قبل السجناء هو العنف ضد السجناء وممتلكاتهم ويشمل السب والشتم وتمزيق ممتلكات الآخرين وسرقتها واستخدام الأدوات الحادة وإثارة النعرات القبلية بين السجناء والتحرش الجنسي. وهناك نمط آخر من العنف موجه نحو الذات وأبرز صوره إيذاء النفس بواسطة استخدام آلات حادة وكذلك الإدمان وإهمال النظافة الشخصية والإضراب عن الطعام ومحاولة الانتحار، فيما هناك نمط آخر للعنف موجه نحو إدارة السجن وممتلكاتها مما يؤدي إلى تحريض السجناء على ارتكاب العنف ضد العاملين في السجن وممارسة الكتابة والرسومات على الجدران وتخريب المرافق الصحية وأبواب المهاجع وإثارة الشغب والتمرد داخل السجن. تحسين أوضاع أسر السجناء هذا وقد طرح الباحث الدكتور يحيى من خلال هذه الدراسة الميدانية إلى عدد من الحلول تتمثل في متابعة السجون وزيارتها من قبل جهات محايدة كهيئة حقوق الإنسان، كما أن هذه الهيئات مطالبة بالكشف عن أي تجاوزات والرفع بها للمسؤولين في وزارة الداخلية. لا بد من تحسين أوضاع أسر السجناء ماديا وكذلك عزل السجناء الخطرين عن باقي السجناء العاديين مع زيادة عدد أيام الزيارات وإطالة مدتها، بالإضافة إلى زيادة وسائل الترفيه وتكثيف الاهتمام بالإرشاد الديني والتربوي والنفسي للسجناء.