ظاهرة العنف الاسري لم يألفها المجتمع السعودي بصورتها الراهنة وقد رصد الدكتور العقيد نايف محمد المرواني من شرطة منطقة المدينةالمنورة الدراسات المحلية والعربية والاجنبية التي تناولتها وعلق عليها وحدد رؤية مستقبلية لتجنب العنف من خلال بحث شامل ودراسة ميدانية لمنطقة المدينةالمنورة. ويقول الباحث الاجتماعي والنفسي الدكتور العقيد المرواني تأتي دراستنا مكملة للدراسات السابقة وتتناول أنماط العنف الاسري واسبابه واجراءات الشرطة ولجنة الحماية الاجتماعية في مواجهة مشكلات العنف. أولا: الدراسات المحلية الدراسات المحلية التي اجريت حول ظاهرة العنف الاسري في المجتمع السعودي، تكاد تكون نادرة رغم حدوث الظاهرة وبروزها في السنوات الاخيرة حيث تزايدت حالات العنف الاسري ضد الفئات المستضعفة من النساء والاطفال والمسنين، واخذت بعداً اعلاميّاً كبيراً دفع بالدولة الى مزيد من الاهتمام بهذه الظاهرة من خلال انشاء برنامج الامان الاسري الوطني كجهة منوط بها الحماية والرعاية والمعالجة لضاحيا العنف الاسري.. واتجه عديد من الباحثين المتخصصين الى اعداد الدراسات العلمية حول ظاهرة العنف الاسري لمعرفة حجمها واسبابها وآثارها وطرق التعامل مع الضحايا والمعتدين، وتتباين هذه الدراسات في اهدافها وفي مناهجها البحثية، والعينة المستهدفة، والنتائج التي تم التوصل اليها وفيما يلي نستعرض بعضا من الدراسات المحلية التي تناولت ظاهرة العنف الاسري في المجتمع السعودي على النحو التالي: 1- اجرى عبدالله اليوسف وآخرون "2005" دراسة ميدانية عن العنف الاسري في المجتمع السعودي تهدف الى معرفة حجم وانواع وأنماط العنف الاسري التي يتعرض لها كل من "المرأة والطفل والخادمة والمسن"، استخدم في دراسته منهج المسح الاجتماعي وتكونت العينة من 369 مبحوثا في مختلف مناطق المملكة اوضحت النتائج ان العنف الاسري غالبا ما يقع في الاسر المفككة بسبب الطلاق او وفاة احد الوالدين او ادمان احد افرادها، وان اكثر انواع الايذاء تقع بسبب الاهمال، وتوصلت الدراسة ايضا الى ان اغلب حالات العنف الاسري الموجه للنساء هو عنف نفسي وجسدي، وبالنسبة للعمالة المنزلية فهي تتعرض للعنف البدني، اما المسنون والاطفال يكون بسبب الاهمال من قبل الاسرة. 2- اجرى خالد الرديعان "2008" دراسة عن العنف الاسري ضد المرأة لمعرفة اكثر انماط واسباب العنف الاسري، وشملت العينة 267 مبحوثة من النساء المترددات على بعض مراكز الرعاية الصحية الاولية في مدينة الرياض، وصنف العنف الى ثمانية انماط : بدني، ونفسي، واجتماعي، وجنسي، ولفظي، وصحي، واقتصادي، وحرمان واهمال، اوضحت النتائج انتشار العنف الاجتماعي واللفظي والاقتصادي بدرجة اكبر من العنف الشديد كالبدني والجنسي. بالاضافة الى انتشار عنف الازواج. كما بينت الدراسة ان من اسباب العنف: تمسك المرأة برأيها، وكثرة متطلبات المادية، وعدم طاقة الزوج أو الولي، وبسب الفروق الفردية بين الجنسين، وسيادة منظومة قيم اجتماعية تبرر العنف ضد المرأة اضافة الى ضعف انظمة الحماية، وصعوبة وصول الضحايا الى الاجهزة الضبطية، وعدم توفر مراكز ارشاد اسري، واحجام المرأة عن طلب المساعدة ممن حولها. "الرديعان،2008" 3- اجرى سعد الزهراني "2004" دراسة ميدانية عن ظاهرة ايذاء الاطفال في المجتمع السعودي على عينة من الطلاب الذكور عددهم 2050 طالباً تتراوح أعمارهم بين 10-17 عاماًفي كل من الرياضومكة والدمام، توصلت الدراسة الى نتائج اهمها: - وجود ظاهرة ايذاء الاطفال في المجتمع السعودي، وان نصف افراد العينة يتعرضون لصورة من صور الايذاء في حياتهم اليومية. - أكثر أنواع الايذاء هو الايذاء النفسي حيث بلغت نسبته 70% يليه الايذاء البدني ونسبته 25.30% ثم الاهمال بنسبة 23.9% - أعلى نسبة تعرضت للايذاء هم الايتام، يليهم الحالات التي يكون فيها الوالدان منفصلين، ثم التي يكون فيها الوالدان مطلقين، ثم التي يكون فيها الوالدان على قيد الحياة، فالحالات التي يكون فيها الاب متوفي، وادناهم المتوفاة امهم. - يعاني ضحايا الايذاء من مشكلات اجتماعية ونفسية وصحية وتربوية. واوصت الدراسة بالاهتمام بتعميم البرامج الوقائية والعلاجية. والكشف المبكر عن حالات الاعتداء وكيفية التعامل معها "الزهراني، 2004". 4- كما اجرت منيره آل سعود "2000" دراسة عن ظاهرة ايذاء الاطفال واسباب وخصائص المتعرضين له وتكونت العينة من 182 من المهنين من اطباء الاطفال والنفسيين والاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بمستشفيات الرياض. واوضحت النتائج ان اكثر انواع الايذاء هو البدني بنسبة 91.5%، يليها حالات الاهمال 87.3% ثم الايذاء النفسي 53.5%، ثم حالات الايذاء الجنسي 46.5% ثم حالات الاطفال الذين تعرضوا لاكثر من نوع 16.9% وان اكثر المعتدين على الاطفال هم الذكور بنسبة 67.6% والاناث بنسبة 63.4%، كما أن الامهات سجلن اكثر اعتداء على اطفالهن بنسبة 74.6% ثم الآباء 73.2% ثم زوجة الاب 50.7% ثم العالمين في المنزل 33.8% ثم الاخ 23.9%، يليهم زوج الام 19.7% والاخت 15.5% والاعمام 5.6% واخيراً الاخوال 4.2% كما اوضحت النتائج ان اعمار الاطفال الذين تعرضوا للايذاء دون السنتين بنسبة 66.2% ثم اللذين تقع اعمارهم بين 4-6 سنوات بنسبة 63.4% ثم الفئة من 6-8 سنوات بنسبة 54.9% اضافة الى ان اسر الاطفال الذين تعرضوا للايذاء تتميز بالتفكك، وانخفاض الدخل، والاب لديه اكثر من زوجة، ومستوى تعليم الوالدين منخفض، اضافة الى زيادة عدد افراد الاسرة "آل سعود، 2000" ثانياً / الدراسات العربية: 1- اجرت منال عمران "2005" دراسة ميدانية في مدينة القاهرة عن العنف الاسري ضد المرأة وبعض العوامل الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة. وتهدف دراستها الى معرفة الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والاسرية لمرتكبي جرائم العنف ضد المراة، واختارت العينة من نزلاء سجون المنطقة المركزية بالقاهرة "رجال ونساء" بشرط ان تكون المجنى عليها انثى، ومن افراد الاسرة وكشفت نتائج الدراسة حقائق عن العنف الاسري ضد المرأة في المجتمع المصري من اهمها: - اغلبية مرتكبي جرائم العنف الاسري ضد المرأة هم من الذكور بلغت نسبتهم 85.9%، ومن اشكال العنف التي يرتكبونها " القتل، الضرب المفضي الى الموت، هتك العرض، الاغتصاب، السرقة" بينما بلغت نسبة الاناث اللاتي يقدمن على ارتكاب جرائم العنف 14.1% وجرائمهن، تتمثل بقتل امهاتهن او بناتهن، او جريمة تسهيل الدعارة لبناتهن. - الفئة العمرية الاكثر ارتكابباً لجرائم العنف الاسري ضد المرأة تتراوح بين 20 إلى اقل من 30 عاماً، أي بنسبة 47.8%، يليهم الفئة العمرية من 50-70 عاما بنسبة 17.4%. - تزداد جرائم العنف الاسري ضد المرأة في المستويات التعليمية المنخفضة لكل من المتهمين والمجني عليهن معا، كما اظهرت الدراسة وجود ارتفاع ملحوظ في نسب المستويات التعليمية الجامعية لكل ن الجناة والمجني عليهن. - مرتكبي العنف الاسري ضد المرأة اقل تدينا، واكثر تعاطيا للمخدرات. - انتشار التفكك الاسري وضعف التنشئة الاجتماعية في اسر مرتكبي جرائم العنف الاسري ضد المرأة، الى جانب الخلافات الوالديه، والشجار، والضرب والسلب، والطلاق. "عمران، 2005" ثالثاً/ الدراسات الاجنبية: 1- اجرى ستراوس وجيلز "1980" مقابلات مباشرة مع 2143 زوجاً وزوجة، ونحو 1985 اتصالاً هاتفيا مع ازواج وزوجات لمعرفة المواقف التي تتسبب في ظهور العنف فيما بينهم، وكيف يتصرفون في مثل هذه المواقف، واكتشف الباحثان ان الازواج والزوجات يمارسون 19 نمطا من انماط العنف منها الصفع واللكم والركل والتهديد باستخدام السلاح. وقد اظهرت النتائج أن كلا من الازواج والزوجات استخدموا العنف تجاه بعضهم البعض بدرجة متساوية، وان نسبة الازواج الذين مارسوا العنف بقسوة مع زوجاتهم 12% مقابل 11% عند الزوجات، وبلغ نسبة الازواج الذين مارسوا العنف الشديد مع زوجاتهم 3.8% بينما بلغت النسبة 4.6% عند الزوجات. وبطرح الباحثان تساؤل حول هذه النتائج التي توصلا اليها يتعلق باسباب تركيز الاهتمام على قضية العنف ضد الزوجات وابرازه وكان الازواج لا يتعرضان لمثل هذا النوع من المعاملة، ويعزى الباحثان ذلك الى اسباب عدة منها: - معظم الدراسات التي اجريت في مجال العنف لم تأخذ بعين الاعتبار الاثار المترتبة عليه، فآثار الضرب في المرأة قد تكون اشد مما يستدعي طلبها المساعدة. - ان نسبة الازواج الذين قتلوا على ايدي زوجاتهم بلغوا سبعة اضعاف الزوجات اللاتي قتلن بواسطة ازواجهن، وذلك في حال الدفاع عن النفس. - أن معظم دراسات العنف الاسري ركزت على العنف البدني فقط والذي يسهل التعرف عليه وملاحظته والابلاغ عنه. 2- كما أجرى ميولن وآخرون "1996" دراسة طويلة عن العنف الموجه نحو الاطفال واساءة معاملتهم بهدف التعرف على العلاقة بين ممارسة العنف واساءة المعاملة - سواء كانت جسمية او نفسية او جنسية - في الطفولة واثرها على الصحة النفسية وبناء الشخصية في مرحلة النضج، وتكونت عينة الدراسة من 497 امراة ممن يعانين من امراض نفسية، ومشكلات جنسية، وانخفاض في تقدير الذات، ومشكلات مرتبطة بالعلاقات الاجتماعية، اعترفت 107 منهن اي بنسبة 20% بممارسة العنف ضدهن واساءة معاملتهن وبدرجات متفاوتة في صغرهن من قبل والديهن او من يقوم على رعايتهن. 3- قام جلندا وآخرون "1998" بدراسة عن العنف الزواجي. تناولت ديناميات وانماط العنف الاسري واساليب اساءة المعاملة بين الزوجين، والعلاقات الرئيسة التي تشير الى وجود الكثير من المخاطر الناجمة عن العنف بين الازواج وتوصلت الدراسة الى عديد من النتائج من أهمها: أن العنف الاسري يختلف باختلاف خبرات الصراع داخل الاسرة وان العنف السائد عند الازواج شائع بين عامة السكان، وتتميز بعض الاسر بأنماط خاصة من العنف الشديد تخضع للعلاج النفسي، وان العنف الموجه للمراة يأتي من اقرب الاشخاص كالزوج والابناء يليه الاطراف الاخرى، وان العنف يكون نتيجة لفقدان الضبط وعدم اشباع الحاجة الى الاستقلال وبسب الخوف والقلب والتهديد وعدم تقدير الذات، ومن النتائج ايضا اختلاف عدوان النساء عن الرجال فهو اقل من حيث الدرجة، وعدوان النساء ضد النساء يكون أشد قسوة من عدوان الرجال ضد النساء والذي يحدث في الغالب بين الشريكين خلال فترة الخطوبة، والزواج المبكر، واثناء الحمل، واثناء الانفصال والطلاق. رابعاً : التعليق على الدراسات السابقة: من خلال ما تقدم عرضه من الدراسات السابقة العربية والمحلية والاجنبية، يتضح اتفاقها على ان العنف الاسري ظاهرة اجتماعية تعاني منها كافة المجتمعات البشرية دون استثناء، وهي نسبية من موقع لآخر. وركزت معظم تلك الدارسات على العنف ضد المرأة "الزوجة" مثل دراسة: "اليوسف 2005"،"والرديعان، 2008"،"التير، 1997"، "عمران، 2005". والجزء الآخر من الدراسات السابقة تناولت العنف ضد الاطفال "الايذاء" مثل دراسة: "الزهراني،2004" "آل سعود، 2000". وتتفق معظم الدراسات السابقة تناولت العنف ضد الاطفال "الايذاء" مثل دراسة : "الزهراني : 2004" "آل سعود، 2000". وتتفق معظم الدراسات السابقة على اهمية توفر البيانات اللازمة عن حالات العنف الاسري واليت يسودها الغموض نيتجة طبيعة المشكلات الاسرية. والمطالبة بالاخذ بعين الاعتبار بالآثار المترتبة على العنف النفسي كونها اشد من تطلب الضحية المساعدة. وتطالب ايضا بدراسة عنف الزوجات ضد الازواج استنادا على نتائج دراسات اكدت بأن عنف الزوجات ضد الازواج يساوي اضعاف العنف ضد الزوجة. وعن ايذاء الاطفال فقد توصلت معظم الدراسات السابقة الى من يتعرض للايذاء هم الاطفال الايتام والمعوقين، والحالات التي يكون فيها الوالدان منفصلين، وانهم يعانون من كلات اجتماعية ونفسية وصحية وتربوية. معظم الدراسات التي اجريت في المجتمع السعودي تناولت ظاهرة العنف الاسري بصورة عامة على مستوى المملكة، ومدينة الرياض والى جانبها مكةالمكرمة والدمام. وتأتي دراستنا الحالية مكملة للدراسات السابقة فهي تتناول انماط العنف الاسري والاسباب المؤدية اليه، واجراءات الشرطة ولجنة الحماية الاجتماعية في مواجهة مشكلات العنف الاسري، وتنحصر دراستنا الميدانية في منطقة المدينةالمنورة، وتركز على الضحايا من حيث تناول بعض الخصائص المميزة لهم كالسن والجنس ونوع الاعتداء واسلوب المعالجة. ويرى الباحث ان هذه الاسهامات التي قدمها الباحثون من خلال دراستهم لظاهرة العنف الاسري، قد ألقت بعض الضوء على هذه الظاهرة كمشكلة اجتماعية. رؤية مستقبلية في سبيل تجنب العنف تقتضي استراتيجية أي معالجة لسلوكيات سلبية داخل المجتمع أن تتضافر جميع جهود مؤسسات المجتمع الأسرية والتربوية والاعلامية والأمنية وغيرها لإحداث حالة من التوازن والاستقرار في المجتمع. والعنف الأسري بصورة خاصة يعد من أبرز السلوكيات السلبية التي تمس كيان المجتمع من خلال الاسرة، مما يتطلب التقليل من حجم الآثار المترتبة عليه، بتعزيز البرامج التوعوية، ودعم الامكانات المادية والبشرية المؤهلة للتعامل مع قضايا العنف، وان تكون المعالجة شاملة لكافة الابعاد المرتبطة بالعنف الاسري نفسيا واجتماعيا وتربويا واعلاميا وثقافيا وأمنيا، وتأخذ بعين الاعتبار كل من له صلة بقضية العنف الاسري مثل: الأمهات والآباء بصورة عامة باعتبارهم اساس بناء الأسرة. الابناء كبار وصغار لارتباطهم بمكونات الاسرة. مرتكبي العنف الأسري باعتبارهم مصدر وجوهر المشكلة. المعتدى عليهم باعتبارهم ضحايا حقيقيون، تتجه نحوهم معظم جوانب المعالجة والرعاية والحماية. والرؤية المستقبلية تنطلق من رؤية المجتمع ككل واحد، بحيث تتفاعل المؤسسات المجتمعية مع بعضها لاحداث الدور المأمول، متضمنة الجوانب المختلفة للتعاطي مع قضايا العنف الاسري من حيث التوعية والوقاية والحماية والمعالجة والرعاية اللاحقة، ويمكن صياغة الرؤية المستقبلية من خلال تناول المحاور التالية: 1 المؤسسات الأسرية إن دور الأسرة في المجتمع كمؤسسة تربوية اساسية في البيئة الاجتماعية يستتبع تحديد دور الخدمة الاجتماعية والأسرية التي يجب ان تتفاعل معها، وتحقيق تلك الاهداف يعد بمثابة سُبل وقائية وعلاجية لمواجهة ظاهرة العنف الاسري، تتم من خلال احداث مراكز للتوجيه والارشاد الاسري لتقدم الاستشارات الأسرية والتوجيه والارشاد النفسي والعلاجي لكافة افراد الاسرة من اجل ان تتحقق الوقاية والمعالجة معا نحو العنف الاسري. ولا يقتصر دور مراكز التوجيه الاسري على العنف فقط، بل يتعداه الى تحسين وتوطيد العلاقات الاسرية وتنميتها، وترسيخ طبيعتها الفطرية القائمة على الحب والاحترام بين أفرادها، وتجنبها الصراع والقلق وسيرها نحو الاستقرار الاسري المنشود. ولكي تقدم مراكز التوجيه الاسري خدماتها المتنوعة ينبغي ان تكون استراتيجيتها مبنية على خطة تنفيذية واعلامية متضمنة للواجبات والمسؤوليات لضمان وصول رسالتها الى كافة افراد المجتمع، على ان يكون من ضمن اهدافها الجوانب التالية: اقامة دورات للمقبلين على الزواج وتعريفهم على الحياة الزوجية المقبلين عليها. ترسيخ المفاهيم المتعلقة بالقيم الاسلامية التي تحض على الحفاظ على الاسرة ونمائها. التبصير بعواقب المشكلات التي قد تعتري الاسرة وتعرضها للعنف الاسري. تفعيل الحوار بين الوالدين والابناء وتعويدهم على الثقة والاعتماد على النفس. عقدت دورات تربوية تثقيفية للأمهات والآباء بشكل دوري عن اساليب التربية الحديثة. 2 مؤسسات التربية والتعليم دور المؤسسة التربوية والتعليمية مكمل لدور الاسرة، لذلك لابد من اقامة تعاون بين الاسرة والمدرسة، ومعرفة ما يمكن معرفته من الظروف التي يربى فيها الناشئة في منازلهم، واساليب تربيتهم لتصحيح الخطأ منها، وإكمال الصالح، والتعاون مع أولياء الامور على اصلاح الناشئة وتربيتهم ليكمل كل من المنزل والمدرسة ما بدأ به الآخر، ومن أجل ألا يحدث تعارض وتناقض بين اسلوب الاسرة التربوي، واسلوب المدرسة، فيقع الاطفال والناشئون ضحية هذا التعارض. (غنوم، المجلد 15، العدد 34، 2006: 59). وهذا كله يتطلب اعادة النظر في الكثير من المناهج الدراسية والاساليب التربوية بعقلية واعية بحيث تتضمن المحاور التالية: ان يكون للمدارس دورا اكبر في التعامل مع المشكلات الاجتماعية بصفة عامة ومشكلات العنف الاسري على وجه الخصوص. ان تربي المدرسة الابناء تربية اسلامية صحيحة، وعقلية ناضجة، وتنمية بدنية قوية واجتماعية منسجمة مع الجماعة. ان يجد الطالب في المدرسة المُثل الاخلاقية الراقية، والمُثل الجمالية العليا، في كل ما يقع عليه نظره وسمعه. ان يكون من اهداف المدرسة الكشف عن ميول الطلاب وقدراتهم واستعداداتهم الفطرية، والعمل الجاد على حسن توجيه هذه الميول والاستعدادات والقدرات، وتوفير المناخ الملائم لها. ان تنمي المدرسة في طلابها روح التشاور الاسلامي والسماحة، والأخذ برأي الجماعة في ظل المنهج الاسلامي، بغية تحقيق التكافل والتضامن مع الآخرين، وتحمل المسؤولية. تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية باعتبارها عنصرا هاما من مكونات الشخصية. 3 المؤسسات الاعلامية تنمية الوعي العام الوطني في أوساط المجتمع والتصدي لما تطرحه وسائل الاعلام المغرضة للتأثير سلبا على عقيدة الامة وشبابها، وكذا طرح ما يهم افراد المجتمع من قضايا العنف بصورة عامة، والعنف الاسري بصورة خاصة. الاهتمام بالاعلام الاسري الذي يتطلب ايجاد المعلومة السريعة التي تتناول قضايا الاسرة ومشكلاتها، وكيفية مواجهتها، وتعليم المهارات اللازمة لحل المشكلات الاسرية مع التركيز على قضايا العنف الاسري. اعادة النظر في المسلسلات المدبلجة الاجنبية، والعمل على محاربتها لانها تحاكي ثقافة مغايرة لثقافتنا الاسلامية. توعية الاسر بمخاطر العنف الاسري وسبل مواجهته. استخدام وسيلة الشريط المسموع، والكتيبات في التبصير بقضايا العنف الاسري وتأثيرها على استقرار الاسرة. ضرورة استثمار وسائل الاعلام المختلفة والانترنت في تبصير افراد المجتمع بالعنف الاسري من حيث الاسباب وسبل الوقاية والعلاج. 4 المؤسسات الأمنية دور المؤسسات الأمنية هو دور وقائي اجتماعي كالوقاية من الانحراف، والحفاظ على سلامة المواطنين، وتقديم الخدمات الاجتماعية لهم. وفي قضايا العنف الاسري يكون الدور الاكبر والفعال لجهاز الشرطة باعتبارها نظام يتكامل مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى: التربية والتعليم، والاعلام، والاسرة، والشؤون الاجتماعية، لذا فإنه ينظر للشرطة بأنها المؤسسة الانسانية والاجتماعية التي تؤدي اكثر وأوسع الخدمات للمواطنين مبعدة عنها الطابع الرسمي الذي توصم به في الماضي من قبل منتقدي تصرفاتها مما انعكس على تعزيز دورها في الحياة العامة وزيادة امكانياتها، انطلاقا من اعتبارها الجهاز المتعامل مباشرة مع الظاهرة الاجرامية. وعلى ضوء ذلك يمكن تحديد دور المؤسسات الامنية في مواجهة مشكلات العنف الاسري من خلال القيام بمهامها على الوجه التالي: حماية امن المواطن بمعناه الشامل لأمنه الاجتماعي المتضمن الامن الغذائي والاسري والصحي والمهني والتربوي، بحيث يمكن للمواطن ان يلجأ للمؤسسات الامنية كلما كان طرف من اطراف حياته اليومية مهددا بالخطر من اجل الوصول الى الحماية التي ينشدها. قيام المؤسسات الامنية بتوعية افراد المجتمع بقضايا العنف الاسري، وتبصيرهم بأسبابها وطرق علاجها من خلال برامج توعوية تقدم للجمهور بصورة دورية. تعزيز دور الاسرة في عملية التنشئة الاجتماعية، وفي غرس القيم الاسلامية والمعايير الاجتماعية السليمة، فهناك علاقة بين العنف والتفكك الاسري، وهذا يتطلب العمل على تدعيم قيم الروابط الاسرية والاسراع في معالجة مشكلات الاسرة، وذلك بالاستفادة من الدراسات التنبؤية في اكتشاف الاطفال المتوقع انحرافهم لرعايتهم في وقت مبكر للحد من مشكلات العنف الاسري. (خزاعلة، 1998: 103). لا تقتصر مهمة المؤسسات الامنية على مراقبة السلوك الخارجي، بل عليها ان تبذل اقصى جهد في الأخذ بيد الافراد والجماعات لتعزيز وتقوية الضمير الجمعي من جهة وترشيد الضمير الفردي في حالات الاقدام على ارتكاب حالات العنف الاسري. المؤسسات الدينية ضرورة تفعيل دور المسجد وغيره من المؤسسات الدينية في نشر القيم الاسلامية التي تحصن المجتمع ضد الانحرافات بكافة صورها واشكالها. تنسيق الجهود بين المؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية وتطوير مناهج التعليم الدينية، فضلا عن تدعيم هذه القيم للأسرة ذاتها مما يكون له أثر فاعل في تكوين ضمير أو رقيب داخل نفوس الافراد مرتبطا بالخالق عز وجل ويرعى حقوق الغير ملتزما نحو الآخرين في الخفاء كما هو في العلن. طرح آليات جديدة تتفاعل مع المتغيرات والمستجدات الحضرية وتتماشى مع التعليمات الشرعية، من خلال مخاطبة افراد المجتمع بعقلية انضباطية تتيح الفرصة للتحاور مع الآخر باعتدال. قيام الخطباء ورجال الدعوة والوعظ والارشاد بالتركيز على مشكلات العنف الاسري وتوضيح مخاطرها. أهم النتائج والتوصيات من أبرز نتائج هذه الدراسة ما يلي: 1 تعدد مظاهر العنف الاسري، وتباين درجاته من مجرد الشتم الى القتل. 2 أعلى نسبة حالات العنف الاسري التي تم التعامل معها من قبل الشرطة بلغت 25 حالة في عام 1422 خلال السلسلة الزمنية الممتدة من 1420 1429ه. 3 اعلى نسبة حالات العنف الاسري التي تم التعامل معها من قبل لجنة الحماية الاجتماعية بلغت 48 حالة في عام 1427ه خلال الفترة الزمنية الممتدة من 1426 1429ه. 4 حالات العنف النفسي هي الاكثر شيوعا من بين انواع العنف الاسري. 5 النساء هن اكثر تعرضا للعنف الاسري بواقع 112 حالة من اصل 134 حالة، يليهم الذكور بواقع 22 حالة. 6 الفئات العمرية الاكثر تعرضا للعنف الاسري هي الفئة العمرية الممتدة من 22 28 سنة، بواقع 27 حالة ومعظمهم من النساء، يليها الفئة العمرية (اقل من 10 سنوات) بواقع 24 حالة من أصل 134 حالة. 7 جميع ضحايا العنف الاسري من السعوديين. وتوصي الدراسة بالآتي: 1 اجراء مزيد من البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية والطبية على مرتكبي جرائم العنف الاسري، وعلى الضحايا للتعرف على مزيد من الاسباب، وإلقاء الضوء على الآثار الخطيرة المترتبة على حوادث العنف الاسري. 2 اقامة دورات تدريبية للتعامل مع حالات العنف الاسري عن كيفية التعامل مع الحالات. 3 وضع برامج وقائية وعلاجية تحدد آلية التدخل عند وقوع حالات من العنف الاسري. 4 توحيد التعامل الاداري والاجرائي مع حالات العنف الاسري وفق تصنيف منظمة الصحة العالمية. 5 نشر الوعي الاجتماعي والثقافي بين اوساط المجتمع حتى لا يقعون فريسة للعنف الأسري. 6 انشاء قاعدة بيانات تتضمن إحصاءات دقيقة مصنفة ومبوبة بحسب الحالات، واماكن وقوعها، وكيفية المعالجة وما قد يترتب عليها من آثار. 7 ضرورة اخضاع المقبلين على الزواج لدورات تثقيفية تعينهم على التعامل الامثل مع ما قد يواجهونه من مشكلات اسرية. 8 انشاء مكاتب تختص بتقديم الاستشارات الاسرية سواء بالحضور او الاتصال برقم مجاني موحد. 9 صياغة رؤية مشتركة تتضمن الجوانب المختلفة للتعاطي مع قضايا العنف الاسري، كالوقاية والتوعية والتدخل والحماية والمعالجة، ومن ثم وضع وتقنين السياسات والتشريعات التي تعين العاملين على فهم التعامل مع قضايا العنف الاسري بغية الوصول للهدف المنشود.