رأى عضو هيئة كبار العلماء عضو مجلس القضاء الأعلى الدكتور علي بن عباس الحكمي، بجواز تنفيذ توصية الميت في حال اشترط نقله لدفنه في بلد آخر أو مدينة أخرى أو مقبرة معينة. وقال الحكمي ل«عكاظ»: الأصل أن الميت يدفن في البلد التي مات فيها سواء في أي قارة كانت، فإذا كان في بلاد غير مكسلمين فإنه يدفن في مقابر المسلمين لسهولة ذلك على أهله وأقاربه وعدم وجود مشقة في نقله»، واستدرك الحكمي «لكن إذا رأى أهله ضرورة نقله أو أوصى بذلك فيجب أن تنفذ وصيته إذا كان لايوجد مشقة». وأشار الحكمي إلى وجود خلاف بين أهل العلم حول ذلك، فبعضهم يرى أن لاتنقل الجنازة لمكان بعيد، مشددا على أن الأمر فيه سعة وبالتالي فهو يرى أن يجوز نقله من مدينة لأخرى إذا لم يوجد تكلف أو حرج على أهله. ولفت الحكمي، إلى أن البعض قد يحب أن يدفن بين أهله وأحبابه وفي قريته أو مدينته لذلك فغنه من المستحسن تنفيذ وصيته. وبين الحكمي، أنه يرى مع بقية العلماء بعدم استحباب دفن الميت في مدينة أخرى إذا مات في مدينة فاضلة ومقدسة كمكةالمكرمة أو المدينةالمنورة، مؤكدا على أنه الأولى دفنه في مكة أو المدينة إذا مات فيها لفضلها. ولا يمانع الحكمي إذا طلب الشخص دفنه في مكة أو المدينة تنفيذ وصيته في حال موته شريطة عدم وجود مشقة وأذى للآخرين، مشددا على أن المسألة فيها سعة وعلى أقرباه تنفيذ وصيته. يشار إلى أن مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ قد صرح بعدم ورد شيء يدل على فضل الدفن في مكةوالمدينة وقال في تصريح سابق ل«عكاظ»: إصرار البعض على دفن ذويهم في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ليس لها أصل شرعي لا في الكتاب والسنة، ولم يرد شيء حول نقل الميت من مكان لآخر لدفنه في البقاع المقدسة. وأضاف «الإنسان ليس له في قبره سوى العمل الصالح، ولن يختلف حسابه سوى دفن في مكة أو في غيرها من المدن»، ولفت إلى أن الصحابة عندما ماتوا أو استشهدوا في المعارك خارج أرض جزيرة العرب لم تنقل جثامينهم لدفنها في المدينةالمنورة أو غيرها وإنما دفنوا في بلاد الروم حينها، واستدل آل الشيخ على ذلك بدفن الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري في القسطنطينية بعد موته على أسوارها. وأكد آل الشيخ على أن البقاع لاتقدس من يدفن فيها وترفعهم، بل إن الأعمال الصالحة هي من ترفع الإنسان، مشيرا إلى أن إكرام الميت دفنه فيدفن في المحل الذي مات فيه. موضحا أنه لن تكون هناك خيرية لم يدفن في مكة أو المدينة، معتبرا أن هذا العمل لا أصل له في الشرع، أن ينقل الإنسان من مكان بعيد لدفنه في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة، داعيا أهالي الموتى إلى دفن ذويهم في المكان الذي ماتوا به. يشار إلى أن وزارة الداخلية قد شددت في تعميم إلى أمراء المناطق على عدم نقل الأموات من مناطقهم إلى مدينتي مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة سواء كانوا سعوديين أو أجانب، خصوصا أنها أصبحت «ظاهرة» لدى أهالي المتوفين. وأوضح التعميم أنه استند إلى ما ورد إلى الوزارة من بعض إمارات المناطق في شأن طلب ذوي المتوفين الأجانب نقلهم ودفنهم في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة. وكانت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء درست الموضوع، ورأت دفن كل ميت في مقابر البلد الذي مات فيه، ولا ينقل إلا بغرض صحيح عملا بالسنة، واتباعا لما كان عليه سلف الأمة، وتحقيقا لما حث عليه الشرع في التعجيل بدفن الميت وصيانة لهم من إجراءات في جثة الميت لحفظها من التغيير، وتحاشيا للإسراف في إنفاق أموال طائلة من غير ضرورة شرعية.