كان صدمة لكثيرين إلغاء محاضرة الدكتور محمد آل زلفة عن «المرأة ومواجهة التحديات»، التي كان مقررا إلقاؤها ضمن البرنامج الثقافي للنادي الأدبي في الرياض في الأسبوع الماضي. أما سبب الإلغاء فهو حسب ما ذكرته صحيفة الوطن (23/6/1432ه) أن النادي تلقى مهاتفات ورسائل حمل بعضها تهديدا واشتراطات بإعطائه مساحة واسعة للمناقشة، وبعضها الآخر تضمن توعدا مثل «أن النادي سيرى ما يحل به إذا تطرق إلى مثل هذا الكلام في محاضرته». مما دفع بإدارة النادي إلى الإعلان عن تأجيل المحاضرة مخافة أن يجعل البعض منها دوامة جدلية. حين يلغي النادي الأدبي محاضرة كانت مدرجة ضمن نشاطه الثقافي نزولا عند توعدات وتهديدات بعض المشغبين، هل يعد ذلك تصرفا سليما وحكيما أم هو يدخل ضمن التصرفات السلبية المفضلة الانسحاب تجنبا للتعرض للتشغيب؟ إن ممارسة فرض الرأي بقوة التشغيب أمر خطير، وهو أسلوب قابل للتمدد والتوسع وقد يتمادى في توظيفه للحصول على مطالب كثيرة بقوة التهديد والتوعد. والتجارب السابقة المتمثلة في وقوع عدد من الحوادث المؤسفة في نادي الرياض وحائل والجوف أو غيرها، تؤكد أن أولئك المعترضين على ما يطرح في النوادي الأدبية لا يعرفون وسيلة للتعبير عن عدم رضاهم سوى التشغيب بأفعال تنافي الأخلاق، وأن التراخي في مواجهة فعلهم يشجعهم على الاستمرار في ذلك الأسلوب. لهذا فإني أرى أن ما فعله النادي بالنزول عند رغبة أولئك المشغبين، هو وإن بدا في ظاهره حكيما يجنب النادي كثيرا من الضجيج والتشويش والخلاف، إلا أنه في الوقت نفسه يسن سنة خطيرة وهو الخضوع أمام التهديدات والتوعدات، وجعل ذوي الألسنة الطويلة من المشغبين ورعاة العنف اللفظي أو اليدوي يتمادون في أسلوبهم الهمجي هذا ليكونوا هم المديرين لما يجري في النوادي الأدبية وليس مجالس إدارتها، وهم الذين يختارون لها المواضيع وما يطرح منها وما لا يطرح، ومن يتحدث فيها ومن لا يتحدث. في ظني أن النادي كان بإمكانه أن يمضي في طرح ما يراه مناسبا من المواضيع بصرف النظر عن ما يقوله أولئك المشغبون، وأن يستضيف من المتحدثين من يراه كفؤا للحديث بصرف النظر عن رضاهم عنه أو عدمه، وفي الوقت نفسه يستطيع أن يطلب عونا من الجهات المسؤولة عن إقرار الأمن، ليس ليحمي نفسه من أذى دعاة العنف فحسب، وإنما أيضا لتأديبهم متى بدا منهم أذى، فيدركون آنذاك أن الرأي لا يفرض بالهمجية والفوضى، وأنهم لا يمكنهم نيل ما يريدون بالاعتماد على القوة، وأن ليس لهم سوى الالتزام بآداب الحوار وتعلم مقارعة الحجة بالحجة لا بالتهديد والوعيد. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة