في وصف ديوان المظالم يصح القول إنه «جهة قضائية مختصة بالفصل في أي نزاع تكون جهة الحكومة طرفا فيه، كما يختص الديوان في حل النزاعات التجارية والإفلاس وتنفيذ الأحكام الأجنبية وحسم الأحكام التحكيمية، ويستطيع أي مواطن أو مقيم رفع قضية على أي مؤسسة حكومية كانت لرد حق له». يعد ديوان المظالم أعلى جهة حكومية مسؤولة عن إصدار أحكام على القطاعات الحكومية والإدارية، كما يوصف بأنه سلطة قضائية مستقلة، ويرأسه رئيس بمرتبة وزير، وهو المسؤول الأول عن الديوان وتحت ولايته مجلس القضاء الإداري. صدر في العام 1427ه أمر ملكي عن نظام القضاء وديوان المظالم وتضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء الذي رصد له سبعة مليارات ريال. تلاه صدور قرار رئيس ديوان المظالم، آنذاك، الشيخ محمد عبدالله الأمين بتحويل الدوائر القضائية للديوان إلى محاكم إدارية، فأصبحت فروع الديوان في سائر أرجاء المملكة تسمى ب «المحكمة الإدارية» وهناك العديد من المحاكم الإدارية في أنحاء البلاد. ويرأس ديوان المظالم حاليا الشيخ عبدالعزيز النصار الذي عين مؤخرا وهو الرئيس التاسع لهذه السلطة .. رئيس مجلس القضاء الإداري في الديوان. ويتضمن مجلس القضاء الإداري كبار المسؤولين بالديوان برئاسة الشيخ عبدالعزيز النصار وعضوية كل من رئيس المحكمة الإدارية العليا، ونائب رئيس الديوان، وعدد من رؤساء محاكم الاستئناف بديوان المظالم. وتعتبر المحكمة الإدارية العليا هي أعلى محكمة في ديوان المظالم ويرأسها الشيخ محمد الدوسري، حيث صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه رئيسا للمحكمة الإدارية العليا وعضوا في مجلس القضاء الإداري. ديوان المظالم هيئة قضاء إداري، ومن اختصاصاته الفصل في كافة المنازعات التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها، سواء كان سبب المنازعة قرارا أم عقدا أم واقعة، بل يمضي أشمل من ذلك فيدخل في دعاوى الطعن في القرارات التي تصدرها جهات الحكومة كالوزارات والهيئات وما في حكمها. يقول المحامي يحيى العبدلي: فصل نظام ديوان المظالم الاختصاصات ومما تختص به المحاكم الإدارية الفصل في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدينة والعسكرية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوي الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم. كما تختص بنظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية التي يقدمها ذوو الشأن متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو في السبب أو مخالفة النظم واللوائح، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة، بما في ذلك القرارات التأديبية والقرارات التي تصدرها اللجان شبه القضائية والمجالس التأديبية، وكذلك القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام وما في حكمها والمتصلة بنشاطاتها. استثناء السيادة ويضيف العبدلي تختص المحاكم الإدارية (ديوان المظالم) بنظر دعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة، الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها، والدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة. كما يدخل أيضا من ضمن اختصاص المحكمة الإدارية طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية وأحكام المحكمين الأجانب. وزاد بقوله: ووفق النظام فإنه لا يجوز لمحاكم ديوان المظالم النظر في الدعاوى المتعلقة بأعمال السيادة، أو النظر في الاعتراضات على ما تصدره المحاكم من أحكام، أو ما يصدره المجلس الأعلى للقضاء ومجلس القضاء الإداري من قرارات. سلخ القضايا المحامي المعروف محمد المؤنس يرى أن ديوان المظالم قضاء إداري يطبق ما يقتضيه الشرع والنظام، ولا يعني ذلك أن كل تعليمات تصدرها جهة الإدارة تعد من النظام، بل النظام الذي تشمله المشروعية التي يستند إليه الديوان في أحكامه هو النظام الذي يصدره ولي الأمر وما يصدر عن السلطة التنفيذية من لوائح في حدود ما خول لها إصداره من ولي الأمر، ما عدا ذلك فلا يدخل في المشروعية التي تبنى عليها أحكام الديوان. وأما ما ألحق به من اختصاص في القضاء الجزائي والتجاري فهو بصفة مؤقتة لحين استكمال إنشاء محاكم تجارية متخصصة تنتقل إليها القضايا التجارية المنظورة حاليا في ديوان المظالم، إضافة إلى نقل القضايا الجزائية من ديوان المظالم إلى المحكمة الجزائية المقررة وفق النظام القضائي الجديد، ما يعني أنه سيتم سلخ القضايا التجارية والجزائية من ديوان المظالم إلى المحاكم المتخصصة الجديدة. وآلية التنفيذ للقرارات الجديدة حسب النظام الجديد تقضي بسلخ الدوائر الجزائية والدوائر التجارية التابعة لديوان المظالم بقضاتها ومعاونيهم ووظائفهم إلى المحاكم الجزئية والتجارية التابعة للقضاء العام (وزارة العدل) وكذلك دوائر التدقيق الجزائي والتجاري بقضاتها ومعاونيهم ووظائفهم إلى محاكم الاستئناف، ويعقب ذلك تهيئة مقار المحاكم (التجارية والجزائية والاستئناف) وتعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية خلال الفترة الانتقالية. بعد ذلك سيبقى ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مكونة من المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف والمحكمة الإدارية العليا فقط. منازعات التجارة يقول المحامي محمد العبدالله إن اختصاص ديوان المظالم في القضاء التجاري ليس اختصاصا عاما، بل هو محدد بما أنيط به من ولاية وفق النظام، ويختص بنظر المنازعات المشمولة بنظام الشركات، ويشمل الشركات الواردة في كتب الفقه الإسلامي. أما المنازعات التجارية التي يختص ديوان المظالم بالفصل فيها فقد بين نظام المحكمة التجارية اختصاصات وصلاحيات القضاء التجاري، وهو ما يحدث بين التجار ومن لهم علاقة تجارية من مشاكل ومنازعات متولدة من أمور تجارية محضة. وصدر قرار مجلس الوزراء رقم 261 لعام 1423ه الذي نص على تولي ديوان المظالم النظر في القضايا الناشئة عن الأعمال التجارية بالتبعية. ويمكن توضيح الشروط التي ينبغي توافرها في المنازعة التجارية لتكون من اختصاص الديوان وهي أن يكون المدعي تاجرا، أي ينطبق عليه وصف التاجر المنصوص عليه في المادة الأولى من نظام المحكمة التجارية، وأن يكون المدعى عليه تاجرا، ويشترط أن يكون محل المنازعة عملا تجاريا محضا أو بالتبعية. الولاية العامة ويشرح المحامي العبدالله عن بعض الأنشطة التي تخرج عن السياق التجاري مثل المستشفيات، المستوصفات، مكاتب المحاماة والاستشارات، المكاتب الهندسية والمحاسبية وغيرها من ذوات الطبيعة المهنية. ويشترط كذلك أن لا يكون النظام نص على استثنائه، فقد نص في المادة الثالثة على أن دعاوى العقارات وإيجاراتها لا تعد من الأعمال التجارية، ومن ثم تنحسر ولاية الديوان عن النظر في المنازعات الناشئة عنها. وما لا يختص بالفصل فيه ديوان المظالم فالاختصاص يكون باقيا في المحاكم العامة، لأنها صاحبة الولاية العامة، وهي المختصة أصلا بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما يستثنى بنظام. ويستطرد المحامي العبدالله أن المحكمة الإدارية لا ترفض تسجيل أية دعوى ترفع أمامها، ولو كانت مما لا تختص محاكم الديوان بالنظر فيها، لأن من حق المتقدم أن يحصل على حكم بعدم الاختصاص، والقضايا التي تقرر فيها الدائرة القضائية عدم الاختصاص تصدر الحكم فيها بحضور المدعي أو وكيله فقط دون طلب حضور المدعى عليه، إلا إذا رأت الدائرة أن تحقيق الاختصاص لا ينجلي إلا بحضور المدعى عليه أو وكيله، ويكون للمدعي طلب استئناف الحكم والاعتراض عليه خلال المدة النظامية. القضاء الجزائي أما المحامي والمستشار القانوني صالح مسفر الغامدي فيشرح اختصاصات ديوان المظالم في القضاء الجزائي ومنها جرائم التزوير المنصوص عليها نظاما، والجرائم المنصوص عليها في نظام مكافحة الرشوة، والجرائم المنصوص عليها في نظام مباشرة الأموال العامة، وكذلك الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في الأنظمة، إذا صدر أمر من رئيس مجلس الوزراء إلى الديوان بنظرها والدعاوى التي من اختصاص الديوان بموجب نصوص نظامية خاصة، كنظام الأسلحة والذخائر ونظام انتحال صفة رجل السلطة العامة، ونظام البريد، وليس هنالك تداخل بين اختصاص ديوان المظالم في القضاء الجزائي واختصاص المحاكم الجزئية، حيث إن اختصاصات ديوان المظالم جاءت محددة بما نصت عليه الأنظمة وما يحيله إليه مجلس الوزراء من مواضيع وقضايا للنظر فيها، وما عدا ذلك فهو باق في اختصاص المحاكم العامة.