رأت الولاياتالمتحدة أن الزعيم الليبي معمر القذافي يعيش في الأوهام، وحركت قواتها البحرية والجوية إلى مواقع حول ليبيا معززة بذلك الضغوط الدولية لدفعه إلى التخلي عن السلطة. كما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها جمدت أرصدة ليبية بقيمة 30 مليار دولار، وهو أكبر مبلغ يتم تجميده على الإطلاق وحثت المساعدين الأساسيين للقذافي على الفرار، فيما تحدثت واشنطن عن احتمال المنفى كخيار لإنهاء تردده. ويسعى فريق الرئيس باراك أوباما لإضعاف القذافي على عدة جبهات، بينما يتعزز الضغط الدولي على نظامه الهش وتستهدف المعارضة معقله طرابلس وسط معلومات عن أعمال عنف جديدة. ورأت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس أمس الأول أن تصريحات القذافي هذه تدل على أنه «يعيش في الأوهام». وقالت للصحافيين «بصراحة يبدو لي أنه يعيش في الأوهام عندما يتحدث ويضحك أمام صحافي أمريكي بينما يرتكب مجازر بحق شعبه». وأضافت «هذا يظهر إلى أي حد هو ليس مؤهلا ليحكم وإلى أي حد هو بعيد عن الواقع». وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ترأست قبل ذلك اجتماعا لوزراء الخارجية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. وقالت إن «شعب ليبيا قالها بوضوح: حان الوقت ليرحل القذافي الآن وبدون مزيد من العنف أو التأخير»، متهمة الزعيم الليبي بإطلاق «مرتزقة وقتلة» ضد المحتجين. وفي الوقت نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية الإثنين أن الجيش الأمريكي يعيد نشر قواته البحرية والجوية في المناطق المحيطة بليبيا، فيما يناقش مسؤولون إمكانية فرض منطقة للحظر الجوي فوق ليبيا. وصرح الكولونيل ديف لابان المتحدث باسم البنتاغون للصحافيين «لدينا مخططون يعملون على عدد من الخطط الطارئة». وأضاف «من الممكن القول إنه ضمن تلك الخطط فإننا نعيد نشر القوات لنتمكن من التصرف بمرونة فور اتخاذ قرارات» في هذا الشأن. وقال لابان إن إعادة نشر «القوات البحرية والجوية» ستؤمن للرئيس الأمريكي مجموعة من الخيارات في الأزمة بدون أن يحدد السفن والطائرات التي أعطيت أوامر بإعادة الانتشار أو التحرك المحتمل الذي تجري دراسته. وللقيام بأي تدخل عسكري محتمل يمكن للقادة العسكريين الأمريكيين استخدام حاملة الطائرات «يو إس إس إنتربرايز» الموجودة حاليا في مياه البحر الأحمر وسفينة «يو إس إس كيرسارغ» البرمائية التي تحمل أسطولا من المروحيات ونحو 2000 من جنود مشاة البحرية (المارينز). ويمكن لهذه القوة أيضا بدء عمليات إنسانية مع تصاعد المخاوف من أزمة إنسانية مع تدفق الفارين من قمع الحكومة في ليبيا. وقالت كلينتون إن فرقا أمريكية للإغاثة أرسلت إلى حدود ليبيا مع مصر وتونس، مشيرة إلى أن واشنطن خصصت عشرة ملايين دولار للمساعدة الطارئة. وتشهد واشنطن مناقشات حول مرحلة ما بعد القذافي أيضا. وأعلن البيت الأبيض الإثنين أن المنفى هو «أحد الخيارات» التي ترضي مطالبته بتنحي الزعيم الليبي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن «المنفى هو بالتأكيد أحد الخيارات أمامه (القذافي) لإحداث التغيير». لكنه أضاف «اذا كان المنفى هو خيار سريع لضمان رحيل القذافي فسندعم ذلك، لكنه هو وآخرون سيحاسبون على أفعالهم». من جهة أخرى، جمدت وزارة الخزانة الأمريكية أرصدة ليبية بقيمة 30 مليار دولار بعد فرض عقوبات على نظام الزعيم الليبي. وقال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد كوهين «اعتبارا من اليوم (أمس)، تم تجميد مبلغ 30 مليار دولار على الأقل من أرصدة الحكومة الليبية الخاضعة للسلطة القضائية في الولاياتالمتحدة». وأضاف «ندرس حاليا إضافة أفراد آخرين إلى القائمة». وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي تبنى مجموعة من العقوبات تطال 20 شخصا، إضافة إلى المشمولين في العقوبات الأمريكية. ويشتبه في أن ليبيا وقادتها يحتفظون بحسابات مصرفية بمليارات الدولارات في بنوك أجنبية، تم جنيها من الثروة النفطية الهائلة في ليبيا. وجاء قرار كوهين وأحاديثه عن احتمال فرض عقوبات أخرى، بينما يؤكد البيت الأبيض أن هدف الولاياتالمتحدة هو إقناع أعضاء في الدائرة القريبة من القذافي بالانفصال عنه. وقال كوهين إن أعضاء الحكومة الليبية عليهم «التفكير بجدية كبيرة بشأن الجانب الذي يريدون الوقوف فيه». وأضاف «إذا اختاروا البقاء مع القذافي ونظامه وقبلوا ونفذوا أوامر بقتل شعبهم فسيحاسبون على ذلك». وقد اتهمت الولاياتالمتحدة الإثنين الحكومة الليبية بالتشويش على بث برامج المحطات الإخبارية الأجنبية، مشيرة إلى أن هذا العمل يدحض تصريحات العقيد القذافي الذي قال إن كل شيء هادئ في البلاد. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن «ليبيا تشوش على تغطية المحطات الإخبارية. الأشياء ليست على ما يظهر هادئة وكما يقول القذافيون». من جهته، أصر القذافي على أن «كل شعبه يحبه ومستعد للموت من أجل حمايته»، متجاهلا الضغوط المتصاعدة لإجباره على الرحيل بعد حكم دام أكثر من أربعة عقود لبلده. وقال القذافي في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي» الأمريكية و«بي بي سي» وصحيفة تايمز البريطانيتين «إنهم يحبوني. كل شعبي معي. إنهم مستعدون للموت لحمايتي». وأضاف «أنتم لا تفهمون النظام هنا، والعالم لا يفهم النظام هنا، سلطة الشعب. لا توجد أبدا مظاهرات في الشوارع»، مضيفا «لا يوجد أي شخص ضدنا، ضدي، لماذا تنظيم المظاهرات؟».