لا تتعجبوا أو ينتابكم الاستغراب فهذا الأسلوب الإداري ليس لغزا أو بدعا.. فهو يمارس في بعض الإدارات دون إدراك لمضامينه العملية وتداعياته على منظومة العمل وهو ليس مزيجا من المركزية واللا مركزية كما قد يظن أو يتراءى للبعض للوهلة الأولى.. بل هو أسلوب قصد منه اللا مركزية بإطلاقها، لكن بشكل مغلوط مما أدى ويؤدي لانبثاق المركزية أو (ولادتها من رحم اللا مركزية) إن صح الوصف، وبالمطلق أيضا قد يتساءل البعض وبشيء من الاستغراب الوجيه، كيف تمارس اللا مركزية والمركزية بالمطلق في ذات المنظومة؟ للإيضاح.. فالمدير من هذا النوع يخول رؤساء الأقسام صلاحيات مطلقة دون الرجوع إليه إلا بالإجراء النهائي ويندرج ضمن إطار تفويض الصلاحيات إجازات الموظفين.. كما ينضوي في الإطار إستئذاناتهم، والحسم، هذا دون الاستطراد بالدورات والحوافز وغيرها. إلى هنا الوضع جيد لا بل مفيد وصحي كون المدير والحالة هذه يتفرغ لما هو أهم وأكثر نفعا لجهة مصلحة العمل. ولا زلنا في سياق (اللا مركزية) في أبهى صورها.. لكن عندما يصل الأمر بالمدير بعدم استقبال موظفيه بحجة أن لديهم رؤساء يجب ألا يتجاوزوهم قطعيا مهما كانت المبررات والدوافع وحين يقولها صراحة.. في حال تصادف وقابله أحد الموظفين.. (باعتبار أنه لا يقابلهم إلا بالصدفة!): اذهب لرئيسك واطلب منه ما تريد.. يقولها قبل حتى أن ينبس الموظف ببنت شفة. واستتباعا فإن المدير من هذا الصنف لا يجتمع إلا مع رؤساء الأقسام فيصبحون والحالة تلك المديرين الفعليين ويمارسون المركزية بأعتى صورها. فهذا الحاجز الذي صممه المدير (بمواصفات) لا ينفذ منه إلا رؤساء الأقسام، له أكبر الأثر على استياء وتذمر الموظفين كونهم لا يستطيعون الحصول على مبتغاهم إلا بالمرور على رئيس القسم ومحاباته والتملق له إذا لزم الأمر، فمن دون موافقته بوصفه (الوصي!) إن جاز التشبيه لا يمكن للموظفين تحقيق أدنى متطلباتهم، فموافقة المدير مرهونة أو لنقل ممهورة بموافقة رئيس القسم وطبيعة الحال سينعكس ذلك على تدني عطاء الموظفين وربما تسيبهم. المضحك والمحزن أن أغلب المديرين من هذا النوع لا يعرفون أسماء بعض موظفيهم، ولا في أي قسم يعملون.. مكتفين بالتعرف جيدا على رؤساء الأقسام ظنا منهم أن ذلك سيغنيهم ويحقق غاياتهم، فما يجب أن يعرفه المدير «أي مدير» ويعمل بمقتضاه أن الموظفين ليسوا آلات أو أجهزة يديرهم بواسطة مشغلين كيفما اتفق. إذ يتعين على المدير إذا ما أراد فعلا تطبيق (اللا مركزية) بمفهومها الحقيقي أن يستقطع من وقته لمقابلة الموظفين لتلقي متطلباتهم واستفساراتهم، والتعرف على طموحاتهم وربما هواجسهم وشكاواهم والتي لا يمكنهم البوح بها لرؤساء الأقسام، خصوصا إذا علمنا أن بعض الملاحظات أو الشكاوى ضد رؤساء الأقسام أنفسهم. كما تجدر الإشارة أنه ليس المقصود بهذا التواصل تحقيق رغبات الموظفين وتلبية حاجاتهم أو حتى إنصافهم وحسب، فرغم أهمية ذلك ثمة أمور أو معوقات ذات صلة بالعمل غائبة أو مغيبة عن المدير قد يبوح بها بعض الموظفين فضلا عما يستخلصه المدير من هذا الموظف أو ذاك إلى غير ذلك من معلومات هامة تصب لناحية مصلحة العمل.. بالمحصلة وضعنا أيدينا على المفهوم الحقيقي والعملي للإدارة اللا مركزية. بكلمة أوضح هي تفويض رؤساء الأقسام.. وبالتوازي فتح قنوات رحبة مع جميع الموظفين بلا استثناء.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة