لم تعد المرأة نصف المجتمع فحسب، بل أكثر من ذلك بكثير، فقد باتت الشغل الشاغل للمجتمع السعودي، والقضية الأساسية له، ومن ثم أصبحت مشكلاتها، محور حديث المجالس، ومحط اهتمام الرجال قبل النساء أنفسهن. فمن السيارة التي لا يبدو أنها ستقودها في المستقبل القريب، مرورا بالخلاف في كشف وجهها، ولون عباءتها، وحكم صوتها، و«عيونها الفاتنة»، وزواجها من غير المكافئ لها في النسب، إلى زواج القاصرات، وغيرها من الزيجات تحت مسميات «المسيار»، و«المسفار» و«النهاري»، إضافة إلى «المطيار» (أثناء السفر بالطائرة في رحلة طويلة تزيد عن ست ساعات!!) والأخير اقتراح لزواج بمسمى جديد، داعب خيالي في غمرة الحديث عن تلك الأنواع. ولا أنسى ظاهرة العنف الأسري ضد المرأة، والتسلط الذكوري عليها، وطلاقها في مقتبل العمر، وعنوستها التي أفرزتها عادات وتقاليد مشوهة، وقضية مشاركتها الاجتماعية، والوظائف التي يمكن أن تعمل بها، دون اختلاط، فضلا عن اختلاف النظرة الثقافية لها، فبعض قاصري النظر، يرون أنها أقل قدرا من الرجل، لا يذكرون حتى اسمها الصريح في المجالس، ولابد لها من قيم، يراقب تصرفاتها، ويقوم سلوكها، لظنهم أنها «قنبلة فساد موقوتة»، ومشروع فتنة يجب وأده في مهده، دون اعتبار لإنسانيتها ومكانتها الاجتماعية التي كفلها لها الإسلام، وضمنتها لها الأنظمة والقوانين. قد يقول بعضهم: إن على المجتمع «ستر» المرأة، وهي كلمة قد تثير حفائظ أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا، فهن لسن «مفضوحات» حتى يتم سترهن. ألا ترون معي أن هناك «فوبيا نساء» نجمت عن محاصرة المرأة، وإحصاء أنفاسها ولفتاتها، ووضعها تحت مجهر اجتماعي؟! فالإشارة إليها يولد حساسية لدى بعضهم، وتناول قضاياها في قنوات الإعلام، يصيب بعضهم بحالة تشنج فكري، وتعرق سلوكي، وارتعاش أخلاقي، ويزيد من سرعة نبضات ثقافة العيب والحرام لديه بشكل غير مبرر. في رأيي أن تناول قضايا المرأة بهذا الشكل، هو نوع من الهوس، لا يدع مجالا لتشكيل صيغة حلول متوازنة، بل يشجع أطراف النقاش على الانفعال والتطرف في الآراء، ويربك أفراد المجتمع، ويؤخر مناقشة قضايا تنموية وفكرية تخص المرأة والرجل على حد سواء، هي أولى بالنقاش، وأجدر أن يلتفت إليها المجتمع السعودي. استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم*