اختلت المعايير، فتعددت أشكال العنف في واقعنا المعاش، ونتج عن ذلك ظهور نظريات تأصيلية تتخذه نبراسا توظفه لخدمة مآربها الخفية لتلطخ الإنسانية بمزيد من الدماء البريئة، على اعتبار أن العنف يعتمد وبشكل أساس على الشدة والغلظة والافتقار إلى الحكمة، الحجة، المنطق، وما ينعكس على جميع المجتمعات الإنسانية بسبب الافتقار إلى الأمان الذي أضحى ضالتنا. وإننا إذا أمعنا النظر نجد أن أصحاب هذه النظريات التأصيلية يرون أنهم على حق، متناسين أن الإسلام لم ينشر بالسيف والإكراه، فالناس أحرار في اعتناق الإسلام أو غيره من الأديان السماوية، بيد أن قضية الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر قضية توفيقية. وأيام دعوة الرسول الكريم، وجد المؤمنون والكفار والمنافقون ولم يجبرهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على الدخول في الإسلام ولم يحاربهم إلا بعد أن تطاولوا على دين الله الحنيف وعلى المؤمنين. وهنا، فرض الجهاد، ومن رحمة الله تعالى على عباده أن جعل الجهاد على فرضين عين وكفاية. ولم يستخدم العنف حتى لو بالكلام أو الجدال، بل دعا بالحكمة والموعظة الحسنة، وسار الصحابة رضي الله عنهم على نهجه صلى الله عليه وسلم، ولم يستخدموا العنف بالرغم من اتساع رقعة الإسلام أيام الفتوحات الإسلامية. كان على أصحاب هذه النظريات المتطرفة أن يتأسوا بسنة رسولنا الكريم في نشر الإسلام وقيمه، بدل أن يفجروا ويقتلوا، متسببين في تكريس فهم خاطئ للإسلام ينعكس سلبا على ذهنيات من لا يعرفونه. [email protected]