تتجه النية لدى مجموعة أم بي سي لإيقاف مسلسل الفاروق عمر بن الخطاب مؤقتا بعد التداعيات الحاصلة بشأن قضية تمثيل الصحابة والجدل الشرعي حولها، خصوصا بعد البيان الذي أصدره مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قبل أسبوعين، والذي حرم فيه تمثيل الأنبياء والصحابة بكل صورها وأشكالها رغم وجود آراء شرعية وفتاوى أخرى تخالف فتوى المجمع وتجيز تمثيل الصحابة بضوابط دون الخلفاء الراشدين المجمع على حرمة تمثيلهم. وذكر مصدر مطلع داخل المجموعة أن هناك توجها نحو عدم إظهار شخصيات الخلفاء الراشدين في العمل بعدما كانت موجودة، وقد رشح لتجسيد دور أبوبكر الصديق رضي الله عنه الفنان غسان مسعود، بينما رشح الفنان السوري تيم الحسن لأداء دور عمر بن الخطاب وفق ماذكرته معلومات صحفية نفاها مخرج العمل حاتم علي. وما زاد الطين بلة هو امتناع الأزهر عن إعادة النظر في موقفه حول عدم جواز تمثيل الصحابة عندما زار شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وفد من القائمين على العمل ترأسه مدير المجموعة الوليد البراهيم والداعية الدكتور سلمان العودة وكاتب العمل الدكتور وليد سيف وفادي إسماعيل وبديع فتوح. وذكر مصدر مطلع أن الشيخ الأزهر طالب القائمين على العمل بالرجوع للعلماء في السعودية، خصوصا هيئة كبار العلماء التي تمانع تمثيل الصحابة شكلا ومضمونا باستثناء فتوى وحيدة أصدرها عضو الهيئة الدكتور قيس المبارك يجيز فيها تمثيل الصحابة بضوابط، نشرتها «عكاظ». ولعل الأم بي سي قد اصطدمت بعقبات كبيرة في بداية مشروعها الذي يهدف لتعريف الأجيال بشخصية الفاروق عمر بن الخطاب والرد على كل الأفلام والمسلسلات التي تسيئ لعمر بن الخطاب والصحابة رضوان الله عليهم. ولعل تنحية تمثيل الخلفاء الراشدين قد يخفف الضغط على القائمين على العمل في ظل وجود أعمال كثيرة أظهرت الصحابة دون الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين مثل مسلسل خالد بن الوليد وقمر بني هاشم وغيرهما. وقد أجاز رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي تجسيد أدوار الصحابة بضوابط شرعية، مستثنيا الأنبياء وأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين وثلاثة فقط من العشرة المبشرين بالجنة هم أبو عبيدة عامر بن الجراح وطلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام؛ لما لهم من منزلة خاصة بين الصحابة والمسلمين، وأجاز تمثيل الثلاثة المبشرين بالجنة وهم سعيد بن زيد وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضوان الله عليهم وباقي الصحابة الكرام، وعلل القرضاوي فتواه بالجواز بقوله: «إن ما استقر عليه الفقه المعاصر من مدة طويلة أنهم لم يحرموا تمثيل جميع الصحابة وإنما حرموا تمثيل الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين»، واستدل القرضاوي بظهور فيلم عن سيدنا خالد بن الوليد قبل 50 عاما في مصر مثله وأخرجه الممثل حسين صدقي ولم يعترض عليه أحد من علماء الأزهر، كما تم من فترة تجسيد دور حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم وجسد الدور ممثل إنجليزي ولم يعترض العلماء على تمثيله، وشدد القرضاوي على أنه لا يجوز أن نتوسع في تحريم التمثيل، ولم ير حرجا في ظهور أصوات الخلفاء الراشدين من خلف ظهورهم بحيث لا تعرف وجوههم، موضحا أن لهذه التمثليات دورا كبيرا في التعريف برموز الأمة ونشر الدعوة والقدوة. لكن هذه الفتوى التي وجدت تأييدا من جهة ومعارضة من جهة أخرى قد تكون طوق النجاة مع عدد فتاوى اللجان الشرعية للأعمال التاريخية لخروج القائمين على مسلسل الفاروق من عنق زجاجة الفتاوى التي تحد من سير عملهم. وكان مدير مجموعة أم بي سي الوليد البراهيم قد استبعد في تصريح سابق ل «عكاظ»مناقشة مسألة تمثيل دور الفاروق وباقي الصحابة رضوان الله عليهم في الوقت الحالي، مضيفا «أعتقد أنه من السابق لأوانه أن نناقش مثل هذا الموضوع في الوقت الحالي؛ لأنه قبل اتخاذنا لأي قرار حول هذه المسألة الحساسة سنأخذ آراء جميع الهيئات الشرعية بما فيها المجامع الفقهية في رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث في الأزهر وغيرها»، مؤكدا أن العمل سيكون مطابقا للشريعة الإسلامية وستتم استشارة كل الجهات الشرعية والسماع لوجهات نظرها حول العمل. يشار إلى أن العمل إنتاج مشترك بين مجموعة أم بي سي وتلفزيون قطر، حيث شكلت لجنة شرعية خاصة للإشراف على النص مكونة من رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، الدكتور سلمان العودة، الدكتور عبدالوهاب الطريري، الدكتور على الصلابي، الدكتور سعد مطر العتيبي، والدكتور أكرم ضياء العمري.