ولمواجهة تفاوت الفتوى في قضية تجسيد أدوار الصحابة حرر مجموعة كبيرة من خيرة علماء الأمة وثيقة في 3000 كلمة تضع ضوابط الشرعية لهذه المسألة الشائكة التي تثار منذ فيلم الرسالة وحتى مسلسل الأسباط ورايات الحق والفاروق التي تصور لرمضان المقبل، وخلصت الوثيقة إلى أنه «لا يجوز تشخيص أدوار الأنبياء جملة وتفصيلا، ولا يجوز تمثيل الخلفاء الراشدين بصورة كاملة، إلا أن يكون ظلا بدون ظهور الوجوه والملامح، ويستثني الشيخ يوسف القرضاوي العشرة المبشرين بالجنة؛ لأنهم قادة الصحابة وأكابرهم، والشهادة المنصوصة لهم في الآثار المشتهِرة تعني التخصيص والفضيلة الزائدة التي تجعلهم كالمقدس الذي لا يجوز تمثيله، وما سواهم فيجوز تشخيصهم في الدراما بالشروط المذكورة، على أن هذا هو ما يغلب على الظن من حيث الحكم الشرعي، أما الفعل من عدمه، والنظر في جدواه فلهذا حديث آخر، فقد يرى المتخصصون عدم ظهور هذه الشخصيات العظيمة، غير أن الحكم بالأولى غير بيان الحكم في أساسه». وأوضحت الوثيقة أن المقصود بها «فتح الباب لدراسة تؤصل للنظر في هذه المسألة، وتراعي أن باب التمثيل وظهور أعمال تجسد ذلك الجيل مفتوح أصلا، فمن لا يعتمد الموضوعية والصدق لن يبالي بالفتوى، ولذا فقد تكون عاقبة المنع ظهور أعمال فنية درامية لا مصداقية لها، وترسخ في عقول الأجيال، ولدى غير المسلمين صورة سلبية عن ذلك الجيل العظيم، ويساعد على ذلك امتناع أصحاب الرسالة عن تقديم الصورة الصحيحة؛ تقيدا بالفتوى». وأكدت الوثيقة أن «تدارس سبل الحل الأمثل الذي من شأنه أن يمهد لاقتحام هذه الميادين للمخلصين والقاصدين لحماية الأجيال»، ولفتوا إلى من همه الارتزاق، أو هدفهم التشويه فلن ينتظروا الفتوى، ولن ينظروها. وشدد موقعو هذه الفتوى على أهمية وجود رقابة شرعية وتاريخية على المسلسلات والأفلام، التي تتناول حياة الصحابة خاصة، والتاريخ الإسلامي عامة، حتى يتم التأكد من صدق الروايات ومطابقتها للحقيقة، وعدم انسياقها وراء الروايات المنسوجة»؛ مؤكدين أهمية أن يكون للإعلام والدراما الهادفة مرجعية شرعية متزنة. ومن الموقعين على الفتوى (د. يوسف القرضاوي، د. عبدالله بن بيه، د. خالد المصلح، د. سعود الفنيسان، الدكتور عبدالوهاب الطريري، د. عصام البشير، د.عجيل النشمي، د. نصر واصل، د. وهبة الزحيلي، والشيخ حمود الهتار).