ليس يعد مستغربا أن تغرق بعض شوارع عروس البحر جدة في مياه الصرف الصحي، ولكن المستغرب هو أن يستمر تسرب المياه لأيام بل تصل لأكثر من شهر، وهذا ما يعاني منه سكان بعض الأحياء، دون أي تدخل ملحوظ من الجهات ذات العلاقة، وباتت مياه الصرف الصحي تحاصر المدارس والمنازل والمحلات التجارية، ما يشكل خطرا على صحة السكان، وتعد مشكلة مياه الصرف الصحي المنتشرة في بعض الأحياء، والتي تنتشر روائحها الكريهة وتهدد سكانها بأمراض مختلفة تزداد يوما بعد يوم، لترفع نسبة المطبات والحفر والتشققات في الشوارع، وما زاد الأمر سوءا تسبب تلك الطفوحات في انقطاع المياه عن بعض المساكن خوفا من اختلاط مياه الصرف الصحي بالمحلاة حسب المعلومات التي تصل السكان حين يطالبون بمعرفة أسباب انقطاع شبكة المياه عنهم، الأمر الذي دفعهم إلى المطالبة بضرورة الحد من معاناة الصرف الصحي التي أصبحت تبدو جلية في بعض الأحياء وتنظيف الشوارع منها. خالد إبراهيم عزيزي (من سكان حي بني مالك) يقول: منذ شهر تقريبا نعاني من تسرب المياه وطفوحات لا تتوقف، الأمر الذي جعلنا نجد صعوبة في الدخول والخروج من الحي نتيجة لتجمع المياه والروائح الكريهة، والأضرار الكبيرة التي لحقت بالطبقة الإسفلتية، التي انهارت تماما، ففي كل يوم تقريبا تسقط سيارة في حفرة تسبب في وجودها تجمع المياه لفترات طويلة في نفس المكان، وما يزيد المخاوف أن تلك المياه تتجمع في الشارع الرئيسي لحي بني مالك «شارع فلسطين» وهو الشارع الذي يشهد زحاما مستمرا، والغريب في الأمر أننا نجد بعض العمال يقومون بالصيانة والحفريات في الموقع الذي تتسرب منه المياه، ولكن ما يلبثون أياما قليلة حتى يختفوا من الموقع لأيام، ومن ثم يعودون مرة ثانية ويختفون، ولا نعلم ما الأسباب التي تجعلهم يتقاعسون في أداء عملهم، ولا الأسباب التي تعيقهم عن إنجاز عملهم وإنهاء معاناة السكان. خسائر كبيرة ونتيجة لتسرب المياه والطفوحات المستمرة في حي بني مالك، تكبدت العديد من المحلات التجارية خسائر كبيرة، ولعل أبرزها أحد المراكز المتخصصة لبيع الجوالات، والشقق المفروشة، والمحلات التجارية الأخرى ، ووصف أصحاب تلك المحلات خسائرهم بالكبيرة. بندر سعود الزهراني (أحد الشبان العاملين في محل لبيع الجوالات) يقول: منذ بدأت تلك التسربات والمياه المتجمعة أمام المحلات ونحن نتكبد خسائر، وجميع الزبائن ذهبوا إلى المركز المقابل، ولهم الحق في ذلك، فالروائح الكريهة تملأ المكان، والمياه كذلك، فلا يجدون مواقف للسيارات ولا يستطيعون التحرك بسهولة، ففي البداية كانت هناك وايتات تابعة لأمانة جدة تشفط المياه، ولكنها اختفت منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، فأصبحت المياه تغطي مساحة كبيرة من الحي، وتحيط بالمحلات من كل جانب. دراية المسؤولين ويستغرب عبد القادر العمري من معرفة المسؤولين في أمانة جدة بطفوحات المياه والأضرار الكبيرة التي تسببها للسكان والمارة والمحلات التجارية، قائلا: ذهبت قبل أيام إلى بلدية فرعية لتجديد رخصة محلي، وحين سألني المسؤول عن بوابة المحل شرقية أم غربية، تهت قليلا، فقال: هل جهة الشارع المملوء بالمياه؟ فأجبته: نعم، فقال: إذا شرقية!! وهذا دليل على أن المسؤولين على علم بحجم المعاناة التي نتعرض لها، ولكن لا أحد يحاول أن يجد لها حلا سريعا. ويلفت عبد الرحمن عبد الله الغامدي، وهو يعمل أيضا في محل لبيع الجوالات، إلى أنهم أصبحوا يجلسون في المحلات بمفردهم، لانصراف الزبائن إلى محلات أخرى، ويشير إلى تكاثر البعوض الذي غزا محلاتهم وأصبح يضايقهم، ما جعلهم يلجأون إلى المبيدات الحشرية لمحاربته، خوفا على صحتهم، ويقول: لا أبالغ، فهناك أسراب البعوض تهجم علينا في المحلات، لتراكم المياه لفترات طويلة داخل الحي، ونتمنى أن نجد حلا لهذه المشكلة التي طالت كثيرا. حقوق الإنسان محمد العجمي (من سكان حي بني مالك) يقول: أطالب المسؤولين في الأمانة والقائمين على مشاريع الصرف أن يزوروا الحي، وشارع فلسطين تقاطع شارع السبعين إضافة إلى الشوارع الداخلية، سيرون العجب حيث إن مياه المجاري تملأ هذه الشوارع بشكل دائم وتنتشر الرائحة في أرجاء الحي، مضيفا أن المسؤولين في الأمانة يتحدثون بأن المشاكل ستنتهي، إلا أن الحقيقة أن المشكلة قائمة وتزداد، وأتمنى أن يزور الحي مسؤول من خارج الأمانة كحقوق الإنسان مثلا للوقوف على الوضع الراهن وكشف الحقائق. ويشير أبو بسام (من حي بني مالك) إلى أن أهل الحي يتصلون بشكل دائم على غرف عمليات مديرية المياه والأمانة لحل هذه المشكلة، ولمعرفة أسباب انقطاع المياه بين فترة وأخرى، ويشير أيضا إلى أنه في كثير من الأحيان لا تحضر الفرق وتظل المياه تطفح والرائحة الكريهة تنتشر في أطراف الحي وداخله. ويؤكد سعود المباركي أنه اتصل على غرف عمليات مديرية المياه لمعرفة أسباب انقطاع المياه، فأجابه الموظف أن السبب احترازي خوفا من اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، لذلك تم قطع المياه عن الحي، حتى يتم إصلاح التسربات وطفوحات المياه التي تغرق الشوارع، ويستطرد العصيمي حديثه قائلا: أعتقد أن المسألة ستستمر وستحدث نتائج غير مرجوة، والدليل تسرب المياه منذ ما يقارب شهرا كاملا أو أكثر. مشاريع بلا فائدة جمال سندي (من سكان البغدادية) يقول إن مياه الصرف الصحي تظهر فجأة وتختفي فجأة في الحي وتظل شوارع الحي تغرق في مياه ملوثة لأسبوع وأحيانا فترة أطول، وسرعان ما تختفي لتعود مجددا للظهور، مشيرا إلى أنه فكر أكثر من مرة بالانتقال من الحي، إلا أن ذات المشكلة تنتشر في غالبية شوارع وأحياء جدة، مضيفا بأنه قبل عدة أسابيع سجل هو وأبناء الحي عدة شكاوى في غرفة العمليات في الأمانة ولم يجدوا أي تحرك. ويقول عصام سعيد عوض (من سكان النزلة الشرقية): منذ أكثر من عامين أشاهد الحفريات لمشاريع خاصة بالصرف الصحي لإنهاء معاناة السكان، إلا أنه في الحقيقة هذه المشاريع زادت من المشكلة كثيرا بدلا من أن تحلها، فلا يكاد يمر يوم إلا ونسير في شوارع تغرق في مياه الصرف الصحي ولا يوجد أي تحرك ملحوظ وما يقومون به فقط شفط المياه، بينما لا يبحثون أسباب المشكلة الحقيقة ويحاولون حلها. في جانب ذي صلة، أكد مصدر مسؤول في أمانة جدة أنه تم تزويد إدارة الناقلات التابعة للأمانة بفرق طوارئ من شركة المياه الوطنية، لمساندتها في إنهاء طفوحات الشبكة، مع زيادة مراقبة طفوحات خزانات الصرف الصحي في المنازل غير المغطاة بشبكة الصرف الصحي، وتغريم صاحب العقار الغرامة النظامية، مشيرا إلى أنه يتم رصد هذه الحالات يوميا، ولفت إلى أن اجتماعا سابقا بين الأمانة وشركة المياه لمناقشة آلية تشغيل مصبات الخمرة والرويس والمطار والتي تم تسليمها رسميا للشركة، وتم الاتفاق على استمرار الشركة في العمل بنفس الآلية السابقة التي كانت تقوم بها الأمانة وبدون تحصيل رسوم، وطالب أصحاب المباني المخالفة بالالتزام وسحب مياه الصرف الصحي وعدم التسبب في تلك الطفوحات التي تؤثر سلبيا على الصحة العامة وسلامة البيئة جراء التلوث الناتج عنها، موضحا أنه في حالة وجود طفوحات يتم إبلاغ عمليات الأمانة للتعامل مع هذه الحالات، ولتحديد المسؤول عن المخالفة، وما إذا كان صاحب المبنى أم الناقل.