الذكاء العاطفي هو مجموعة المهارات التي يكتسبها الفرد من خلال تجاربه الحياتية المختلفة والتي تتمثل في سلوكه تجاه نفسه والآخرين، والمفتاح الأول من مفاتيح مهارات الحياة هو مبادئك ومعتقداتك الشخصية تجاه نفسك والآخرين... وليكن تركيزي في هذا الحديث على المعتقدات، لأنها هي المرشح الأول لتكوين المبادئ الشخصية في الحياة، وبمثال عملي أجرى بعض علماء الأوبئة دراسة رائعة طلبوا ممن شاركوا فيها بوصف حالتهم الصحية بوجه عام، هل هي ممتازة أم مقبولة نوعا ما أم ضعيفة، فتبين أن الذين اعتقدوا أن صحتهم ضعيفة كانت احتمالية الموت لديهم (والأعمار بيد الله) أكثر بثلاثة أضعاف من الذين اعتقدوا أن صحتهم ممتازة، مع ملاحظة أن جميع أفراد العينة التي أجريت عليهم الدراسة كانوا يتساوون في العمر والمستوى التعليمي ونوع الجنس، ليس ذلك فحسب، بل أظهرت الدراسة أن الذين اعتقدوا أن صحتهم ممتازة كانوا يعتمدون على نمط حياتي ممتاز من ناحية التغذية السليمة والرياضة وأسلوب الحياة بشكل عام. لاحظ قارئي العزيز، إن هذه المجموعة تكونت مبادئها أو سلوكياتها بناء على معتقدات أفرادها، كلا بما كان يعتقد، والحقيقة أن الحديث في هذا الموضوع في غاية الخطورة، فما نعتقد به اليوم سيصبح حقيقة غدا، وإن ما تفكر فيه سوف تحصل عليه. فالفكرة طاقة وأيا كانت .. سوف تجلب لك الخير أو الشر وفقا لما فكرت واعتقدت وأسست ظنك عليه، والله عز وجل يقول في كتابه الكريم (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، والسؤال الأهم: ما هي معتقداتك تجاه صحتك، تجاه الآخرين وتجاه نفسك، كيف تلاحظها، وكيف تعدل عليها .. وكيف تتبنى أفكارا ومعتقدات أكثر إيجابية، وحتى يتسنى لك ذلك اتبع ما يلي: الملاحظة، فهي الطريق الأول لتأسيس معتقدات إيجابية، لاحظ معتقداتك السلبية تجاه نفسك والآخرين، اكتبها، ناقشها بينك وبين نفسك .. لاحظ كيف هي تؤثر على قراراتك في الحياة .. كيف تؤثر على سلوكك وشخصيتك، انظر لنفسك بعد مرور السنين والأيام وأنت ما زلت متمسكا بتلك المبادئ .. ما الذي سوف تخسره وما الذي سوف تجنيه ؟ لاحظ بدقة، خذ وقتا مناسبا وكافيا لعمل ذلك. عدل واستبدل معتقداتك السلبية بأخرى إيجابية، اكتبها، ناقشها بينك وبين نفسك، لاحظ نفسك وأنت متبن تلك المعتقدات الإيجابية ومع مرور السنين والأيام وأنت ما زلت متمسكا بتلك المبادئ، ما الذي سوف تكسبه وما الذي سوف تجنيه؟ لاحظ بدقة، خذ وقتا مناسبا وكافيا لعمل ذلك. تبن فن الحياة الطيبة، فالأصل فيك الخير أو كما قال صلى الله عليه وسلم «الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة»، تبنيك للأفكار الإيجابية والعمل بها هي محصلة السلوك الإيجابي تجاه نفسك وتجاه الآخرين، أحسن الظن في نفسك وفي الناس، تقبل نفسك كما هي وتقبل أخطاء الآخرين والتمس لهم العذر. وأخيرا، اصبر فالصبر والمثابرة على التغيير المحصلة النهائية لتحقيق النجاح الحقيقي لك .. اعرف أن لكل شيء وقتا وأن مع الاجتهاد والمثابرة .. سوف تحصل على ما تريد ، لا تستعجل النتائج فما أفسده الدهر لا تصلحه بين يوم وليلة. د. حاتم سعيد الغامدي