تعددت الفنون وتنوعت ألوانها بين تراث الماضي وأصالة الحاضر، فبقيت مهنة الجسيس متمسكة بأصالتها وهويتها التاريخية رغم قدمها، فعادت لمنطقة الحجاز تاريخا يروي حضاراتها الماضية.. (الدين والحياة) كان له وقفة مع هذا اللون التراثي الشعبي ليستلهم ويستكشف سر بقائه. أصوات ندية بداية تحدث منشد المجسات الحجازية المهندس أنس أبو الخير قائلا: إن كلمة جسيس قد أطلقت على هذه المهنة والفن لأن أصحابها يجسون ويتحسسون أفئدة وقلوب الجمهور ويقدمون ما يمتعهم ويسبغون الفرحة والبهجة بما يشنف آذانهم، ولاشك أنهم يجسون نبض السامعين ليقدموا لهم ما يسعدهم ويدخل السرور في نفوسهم التي تتوق إلى كل عمل جميل. وأضاف، لقد أصبح الجسيسون ينتشرون بكثرة خاصة في الآونة الأخيرة من غير تفويض رسمي من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، لأن الناس يحبون التراث الشعبي مما دفعهم للإقبال على هذه المهنة، فحقيقة قد وجدنا من هؤلاء المقبلين على هذا الفن أصحاب أصوات ندية يستحقون الاستمرار فيه، فلا أعتقد أن هناك مانعا لهذه الكثرة، لأن هذا المجال ليس محصورا بعدد معين وإنما هو مفتوح لكل من يمتلك قوة الصوت وعذوبة اللحن والإلمام بالمقامات، وإن أغضب كثيرا ممن يقولون أن هذا الفن أصبح مهنة لمن لا مهنة له لأنه تراث فني قديم وأصيل يجب المحافظة والاستمرار عليه. الينبعاوي والخبيتي وقال أبو الخير: الجسيسون يتواجدون في كل مكان ويشاركون في كثير من الزفات وحفلات عقد القران و الأغاني الشعبية، وهم بلا شك يدخلون السرور والفرحة في نفوس الجمهور، إضافة إلى مشاركتهم في المهرجانات المختلفة سواء أن كانت دعوية أو شبابية أو غيرها، وأضاف: هذا اللون من الفنون قد يضاف له بعض الألوان الشعبية كالمزمار والينبعاوي والخبيتي وهي من الألوان التي تتميز بها منطقة الحجاز. فن مهمل ورفض الجسيس هاشم باروم الأصوات الداعية إلى إيقاف حركة الجسيسين وسيلهم الكبير في الساحة الفنية من خلال تكوين لجنة لإجازتهم لأن هذا لا ينبغي، فليس هناك لجنة لتعليم هذا الفن، ولا يوجد تعليم للفن والموسيقى وتعليم للجساسة في المملكة، فهذا الفن مهمل لذلك أنا أسافر خارج البلاد لمصر وتونس من أجل أن أتلقى تعليمي هناك، وأضاف: أنا لم أتعلم هذه المهنة أكاديميا ولم أدخل معهدا وإنما أخذتها من كبار الجسيسين والسماع للأشرطة. فنانون ومنشدون أما فيصل لبان وهو أحد الممتهنين لهذا الفن فقال: من الخطأ تسمية أصحاب هذه المهنة بالجسيس لأنهم فنانون ومنشدون، وإنما مهنة الجسيس تكون للمؤذن أو المنشد، خاصة إن كان من الحجاز، شريطة أن تكون لديه الموهبة لأداء هذه المجسات، وهذا لا يعني بالضرورة أن يكون كل مؤذنٍ أو منشد جسيسا، فللجسيس مواصفات خاصة به، كما أن من الخطأ أيضا اعتقاد البعض أن كل من امتلك صوتا حسنا يستطيع أداء المجس، فهذا من المستحيلات، فالجسيس له مواصفات خاصة بطبقات صوته ونفسه بفتح السين ومن المهم جدا حسن تعامله مع الكلمة التي ينشدها ليصل تأثيرها للمتلقين كما يجب وينبغي. لحن المجس الكثيرون يسألونني عن كيفية اختيار كلمات المجس وكيف يمكن اختيارها بعناية خاصة، فأقول لهم إننا نختار كلمات المجس بعناية، بل إننا نشدد على أن تكون الفصحى، غير أن البعض لا يهتم بفصاحة الكلمة وسلامة وزن القصيدة، فالجسيس له قدرة على تغطية العيب مهما كان من خلال المجال المفتوح أمامه، إذ يساعده لحن المجس على تغطية اللحن في النحو أو في الكسر الموجود في بحر القصيدة.. فالجسيسون موجودون في كل مكان، وبعضهم أتقن هذا الفن رغم تواجده خارج الحجاز كأسامة الصافي في الإمارات وفهد الكبيسي في قطر وبعضهم يمتلك صوتا جميلا لكنه لا يجيد المقامات، فأكثريتهم في الحجاز، لذا فالغالبية مقلدة لنا، فالبعض منهم تصاحبهم الآلات الموسيقية، أما أنا فلم يسبق لي أن أديت مجسا مع آلة موسيقية