لا يعرف أحد بعد إن كانت المعركة بين فايروس كورونا الجديد وحملات التطعيم الآخذة في التوسع غدت متكافئة أم لا. إذا كانت الأرقام هي التي تحدد ذلك التكافؤ، فإن الصورة ستبدو لكثيرين مخيبة للآمال في اللقاحات الجديدة. غير أن أرقاماً أخرى بشأن النسب المطلوبة للوصول إلى «مناعة القطيع» في كل بلد، وفي العالم أجمع، تتيح بصيص أمل في إمكان الخروج قريباً من محنة وباء كوفيد-19. فعلى صعيد أرقام الأزمة الصحية، ارتفع عدد المصابين بالوباء اليوم (الأحد) إلى 106 ملايين نسمة؛ توفي منهم 2.31 مليون شخص. وفيما يبدو أن الأزمة تستفحل وتستعصي في عدد من البلدان الكبيرة، كالولاياتالمتحدة (27.41 مليون إصابة)، والهند (10.82 مليون إصابة)، والبرازيل (9.45 مليون إصابة)، وروسيا (3.93 مليون إصابة)، وبريطانيا (3.91 مليون إصابة)؛ يبدو أنها غدت تحت السيطرة في أماكن عدة من العالم. ففي السعودية مثلاً، أحرزت المملكة العربية السعودية تقدماً طفيفاً أمس، بتراجعها من المرتبة ال38 إلى ال39 عالمياً. غير أن بلدان العالم العربي المتضررة من الوباء مهددة باستعصاء أزمتها الصحية. وهي: العراق (ال28 عالمياً ب625.756 إصابة)، والمغرب (ال34 عالمياً ب474.379 إصابة)، والأردن (ال40 عالمياً ب332.990 إصابة)، والإمارات (ال42 عالمياً ب320.126 إصابة)، ولبنان (ال43 عالمياً ب315.340 إصابة). وفي المقابل، تتيح جبهة اللقاحات، في ساحة الحرب العالمية على كوفيد-19، أرقاماً مثيرة. فقد ارتفع أمس (السبت) عدد الجرعات التي أخذت من اللقاحات إلى أكثر من 124 مليون جرعة، في 73 بلداً. وتتقدم المسيرة العالمية في التطعيم الولاياتالمتحدة. ففي أمريكا، تم تطعيم 11.7 مليون نسمة؛ أي أن 11.7 من كل 100 شخص حصلوا على اللقاح. ويبلغ متوسط عدد من يتم تطعيمهم يومياً هناك مليوني نسمة، في مقابل 4.61 مليون نسمة في بقية العالم كله يومياً. وخلصت بلومبيرغ أمس إلى أن العودة إلى الطبيعة العادية للحياة ستستغرق 8.6 سنوات، إذا كان مطلوباً تطعيم 75% من سكان كل دولة بجرعتي اللقاح، لتحقيق النسبة المطلوبة لمناعة القطيع. ويقول كبير مستشاري مكافحة الأمراض المُعدية في أمريكا الدكتور أنطوني فوتشي إن العودة للحياة الطبيعية في أي بلد تتطلب تطعيم 70%-85% من سكانه. وستتحقق هذه النسبة في الولاياتالمتحدة بحلول بداية سنة 2022. ولكن في بلدان مثل كندا قد يستغرق تطعيم 75% من السكان 10 سنوات. وبما أن الدول الفقيرة في قارات العالم لم تحصل على أي لقاحات لتبدأ حملات التطعيم، فقد يتطلب الأمر انتظاراً أكثر من 8 سنوات ليعود العالم إلى طبيعته المعتادة قبل اندلاع جائحة كورونا. وتشير الأرقام إلى أن نحو ثلث عدد بلدان العالم بدأت برامجها لتطعيم سكانها. غير أن ثمة تفاؤلاً بأن يطرد تحسن تلك الأرقام مع حصول مزيد من الدول على اللقاحات. وهو تفاؤل يبرره تزايد عدد اللقاحات التي تقترب من تقديم البيانات النهائية لتجاربها السريرية تمهيداً لفسحها للاستخدام الطارئ. لكن عدم التكافؤ في الحصول على اللقاحات يثير مشكلة كبرى. فقد أجمع العلماء والمنظرون السياسيون على أنه ما لم يتم دحر كوفيد-19 في جميع أرجاء العالم، فإن أي تفش في أية دولة في العالم يمكن أن يهدد بلدان الكوكب الأرضي بأسرها. صحيح أن العالم يطعم سكانه ب 4.54 مليون جرعة يومياً خلال الأسبوع الماضي. لكن 40% من تلك الجرعات تعطى في الولاياتالمتحدة وبريطانيا. التجربة الإسرائيلية.. دحر كورونا ممكن أكدت ملاحظات برنامج التطعيم الإسرائيلي الذي بدأ في 20 ديسمبر الماضي بلقاح فايزر-بيونتك، أن الأسابيع الثلاثة منذ بدء التطعيم أدت إلى كبح عدد الإصابات الجديدة، وتقليل عدد حالات التنويم في المستشفيات. وذكر مسؤولو البرنامج أن التحسن بدأ يتضح بعد 21 يوماً من انطلاق حملة التطعيم. وكان تفشي فايروس كوفيد-19 أدى الى تنفيذ الإغلاق ثلاث مرات في إسرائيل، آخرها في 8 يناير الماضي. وطبقاً للأرقام، فإن 28% من الإسرائيليين، وبينهم 75% ممن تزيد أعمارهم على 60 عاماً، إما حصلوا على جرعتي لقاح فايزر-بيونتك، أو تعافوا من الإصابة بكوفيد-19. وبلغت حملة التطعيم الإسرائيلية ذروتها بمنح اللقاح ل229.508 أشخاص يومياً.