كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية وفطرتهم، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع بزوغ نجم الدين الإسلامي واتساع رقعة بلاد المسلمين، وشروعهم في بناء الدولة، كثُرت المراسلات بينهم، وقادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فأصبحت جزءاً من المجتمع العربي، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يداخلها ويخالطها من الشوائب التي تشوبها.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومنهم: محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعي الأفريقي، ولد في محرم عام 630 للهجرة، خدم في ديوان الإنشاء بالقاهرة، ثم ولي القضاء في طرابلس، أصيب بالعمى في آواخر سنوات حياته وتوفي في مصر في شهر شعبان عام 711 للهجرة. أهم مؤلفاته: معجم لسان العرب في اللغة، مختار الأغاني في الأخبار والتهاني وهو مختصر كتاب الأغاني للأصفهاني، مختصر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، مختصر مفردات ابن البيطار، مختصر العقد الفريد لابن عبدربه، مختصر زهر الآداب للحصري، مختصر الحيوان للجاحظ، مختصر يتيمة الدهر للثعالبي، مختصر نشوان المحاضرة للتنوخي، مختصر الذخيرة، أخبار أبي نواس. معجم «لسان العرب»: من أوسع معاجم العربية للألفاظ، رمى مؤلفه من خلاله إلى أمرين: الاستقصاء، والترتيب، وقد رتّبه ابن منظور على أساس الحرف الأخير من الجذر الثلاثي، لتمكين الشعراء من العثور على القوافي لقصائدهم المطوَّلة، وصرّح في مقدمة المعجم بمصادره، وهي خمسة: «تهذيب اللغة» لأبي منصور الأزهري، «المحكم والمحيط الأعظم في اللغة» لابن سِيْدَه، «تاج اللغة وصحاح العربية» للجوهري، «حواشي ابن برّي» على صحاح الجوهري، «النهاية في غريب الحديث والأثر» لعز الدين ابن الأثير الجزري.