سوق الدخان والمدخنين في حالة ارتباك، مع توحيد شكل (علبة) كل أنواع السجائر، وفي هذا الارتباك انتشرت شائعة ممهورة بالأوراق الرسمية لوزارة الصحة مفاد تلك الشائعة أن هناك أنواعاً من السجائر مجهولة المصنع لا تحتوي على تبغ، وسجلت حالات عدة فتقاً في الرئة، ونص الخبر (المكذوب) أن الوزارة تحذر من شرائها حتى يتم مكافحة البضائع مجهولة المصدر، وبالرغم من نفي الوزارة موضحة أنه لا صحة لما يتداوله المواطنون لتلك الشائعة عبر وسائل التواصل، إلا أن النفي لم يحدث الأثر المطلوب، وعادة تكون الشائعة أكثر انتشاراً بين الناس حتى إذا تم دحضها لن يكون من السهولة إقناع من استمسك بها. ومع أن الحديث هنا متعلق بتعاطي مادة ضارة إلا أن متعاطي هذه المادة هم بالكثافة العددية التي يتحول أي خبر عن تلك المادة الضارة إلى ارتباك يضاف إلى ارتباك التحذير الموقع على كل علبة سجائر المؤكدة أنه يتسبب في كثير من الأمراض الفتاكة. وتوحيد علب الدخان ساهم في انتشار الشائعة كنوع من التكهن بأن ذلك التوحيد يُمكّن المزورين من تزوير ذلك الشكل المعمم على جميع ماركات السجائر بحيث يسهل وضع مكان التبغ ما يشاؤون وضعه من أجل الإضرار بتلك الأعداد المهولة.. وإذا كان توحيد الشكل رغبة من وزارة الصحة لكف المدخنين عن مزاولة عادتهم السيئة بوضع جملة (للإقلاع عن التدخين اتصل على 937) فهي جملة كان يمكن وضعها على جميع أنواع السجائر من غير الحاجة إلى توحيد الشكل، وكان من الأولى البحث عن وسيلة جذب للتداوي بطرق أيسر من التعقيد بجمع جميع أنواع الدخان في شكل واحد؛ ولأن الحصافة غابت هنا خصوصاً أن جميع التحذيرات تذهب إلى أن التدخين يسبب الأمراض الفتاكة ومع ذلك لم تردع المدخنين عن تعاطيه، وارتفاع الأسعار لم يوقف استمرار المدخنين عن عادتهم حتى أن بعضهم يؤكد استمراره ولو أصبح سعر البكت 100 ريال. كما أن الشكل الواحد أخفى المعلومات الضرورية للمنتج كنسبة النيكوتين في كل نوع، وهذا يتعارض مع نظام معلومات عن المنتج المستهلك. وأعتقد أن على وزارة الصحة التعامل مع المدخنين كحالات مرضية -وليست كحالات مكافحة منبوذة- وقد جربت الوزارة حلولاً عدة للتخفيف من تزايد المتعاطين، بدءاً من ذكر أنواع الأمراض الفتاكة المتوقعة مروراً بالعزل في الأماكن العامة وزيادة أسعار التبغ وصولاً إلى توحيد الشكل.. إذاً أمامنا مرضى غير مستعدين للعلاج رغم وجود نواهٍ عدة.. فما العمل مع هؤلاء المتعاطين؟ وإذ استمر المدخنون في عنادهم فما الحل؟ أترك الإجابة للمدخنين أنفسهم، وعلى وزارة الصحة ابتكار وسيلة للتخفيف من غير دفع المتعاطين للعناد المبالغ فيه.