عندما تستخدم الدول الأوروبية أوراق الضغط التي لديها والملفات الإنسانية التي تجيد التعامل معها بهدف إبقاء الأحوال في منطقتنا على ما هي عليه، والاستفادة اقتصادياً وتنموياً على حساب مصالح الدول العربية، وتحميل هذه الدول فاتورة تدخلاتها مع الولاياتالمتحدة في العراق وسورية وليبيا، وترك هذه الدول لتكون لقمة سائغة للطامعين، وليستمر مسلسل النزيف وخاصة في ظل غياب المطالب بتحميل الدول الغربية بمسؤوليتها، وذلك بسبب أن كل دولة عربية مشغولة بملفاتها الداخلية والخارجية، خاصة وقد نجحت السياسات الغربية في جعل المنطقة مستباحة ومنتهكة من قبل الميليشيات والجماعات والعرقيات كما في سورية وليبيا واليمن. أمام هذا الوضع شبه الكارثي، الذي هو في حقيقته نتاج مباشر للتدخلات الخارجية التي خططت وعملت على تقسيم المنطقة وتفتيتها، وتحميل المنطقة وسكانها نتائج كل هذه الإخفاقات، بل وخلقت كيانات وميليشيات ودول صغيرة مهمتها القيام بالمهمات القذرة، وخير مثال على ذلك حكومة قطر التي تعيش على الأزمات والمشكلات والمعاناة الإنسانية. إن الميليشيات التي أوجدتها الولاياتالمتحدة في سورية وغيرها في العديد من الأماكن في العالم العربي هي في حقيقتها تعمل على عدم الاستقرار وخلط الأوراق، كل ذلك بمباركة غربية ودعم وتشجيع وغض النظر عن كل تجاوزاتها. التهديد بوقف تصدير السلاح، ومنع الأسلحة النوعية، وحرمان الدول مثل ليبيا من إعادة تسليح الجيش في ظل الفوضى والانتهاكات الحاصلة، يوضح بجلاء كيف يستخدم الغرب أوراق الضغط على الدول العربية، وتحميل دول مثل الأردن ولبنان وغيرهم مسؤوليات استضافة اللاجئين وكل التبعات الاقتصادية والاجتماعية، في حين أن المتسبب لهذا النزيف والمعاناة الإنسانية يرجع للأطماع والصراع على النفوذ، وتغيير خريطة العالم العربي لصالح إسرائيل وتركيا وإيران. نحن في الحقيقة نملك أوراق ضغط عديدة وقوية غير التقليدية، تبدأ بوضع إستراتيجية وتصور كامل ومنهج يهدف لتحميل كل الأطراف الدولية مسؤولياتهم عن نتائج تصدير الثورات والقلاقل في المنطقة باسم الديموقراطية والحريّة، وما نتج عنها من دماء، فتغيير خرائط الدول والتهجير لا يجلب السلم ولا الديموقراطية، وإنما استباحة الأوطان ونهب ثرواتها وتحطيم آثارها، هذا الأمر يتطلب تغيير الخطاب السياسي والدعوة إلى المكاشفات والمفاهمات حول ما صار، والوصول إلى مفاهيم مشتركة، والمطالبة بصراحة وقف الغرب وأمريكا من استخدام المنظمات المشبوهة تحت عناوين حقوق الإنسان، بهدف تحقيق مصالحهم واستمرار نفوذهم في المنطقة بشكل سافر يتعدى أسوأ صور الاستعمار القديم. وهناك العديد من الوسائل والطرق لتحميل المتسببين بدفع تعويضات كبيرة سواء عبر الطرق الدبلوماسية أو المنظمات الدولية، فقد أجمع الفقه الدولي على أن عدم وفاء الدولة بالتزاماتها الدولية يلقي على عاتقها التزاماً يتمثل في إصلاح الضرر الذي حدث. الورقة الثانية التي لم نستخدمها، لماذا لا تتحمل إسرائيل مسؤوليتها عن اللاجئين والمشردين الحاليين من سورية والتحرك السياسي والإعلامي في هذا الاتجاه ومطالبة الغرب وأمريكا والدول المؤثرة بمسؤولياتهم عن هذه الحقوق الإنسانية، والتي لا تستقيم مع مطالبة الغرب بالحقوق والإنسانية في الميلة الأخرى تجاه دول المنطقة؛ بمعنى رفع ورقة الحقوق الإنسانية المستباحة في وجه الغرب وإسرائيل بخصوص المهجرين ومعاناتهم التي يتحملون مسؤولياتها مباشرة. أن وضع مثل هذه الأوراق على طاولة البحث كفيل بتعديل الدفة. والورقة الثالثة من أوراق الضغط العديدة التي نملكها وضع كود إنساني وأخلاقي من خلاله يتم التعامل مع كافة المنظمات والجمعيات العالمية والدولية بخصوص أعمالهم والمعايير المستخدمة من قبلهم ووقف التعامل مع إي جمعية لا تحترم أو لا تلتزم بالمعايير والمقاييس المحايدة في عملها ونتائجها بل وحظرها واعتبارها منظمات أو جمعيات مشبوهة وذات أجندات مشبوهة. ويجب في هذا الخصوص التعاون مع الدول الأفريقية ودول أمريكا الجنوبية ودول العالم الإسلامي والتحرك من خلال المنظمات الإسلامية والإقليمية في سبيل بلورة هذا التوجه لقطع الطريق على الغرب في تسيّس المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان. المقال لا يسمح في سرد الكثير من أوراق اللعبة التي نملكها ولا نجيد استخدامها، ولو استخدمت فسوف يتحقق المثل القائل «لا يضيع حق وراءه مطالب». * كاتب سعودي osamayamani@ [email protected]