في مواقع التواصل الاجتماعي شاهدت مقطع فيديو من إنتاج إحدى شركات السيارات الألمانية عن مدى تأثير الفن في سلوك البشر، حيث وضعت كاميرا على مخرج أحد منافذ مترو الأنفاق لرصد حركة وسلوكيات الناس بخصوص استخدامهم الدرج الكهربائي أو الدرج غير المتحرك، فكان الطبيعي أن الأغلبية تستخدم السلم الكهربائي أكثر من الدرج العادي، فقاموا بتحويل الدرج العادي إلى درج موسيقي كأصابع آلة البيانو بكامل طول كل درجة من الدرجات حتى آخر درجة، بحيث تصدر كل درجة من درجات السلم العادي صوتاً ونغمة موسيقية جميلة عند المشي والصعود عليها، ورصدت الكاميرا سلوكيات الناس الذين تحولوا فوراً عن استخدام السلم الكهربائي إلى الدرج الاعتيادي، حيث بلغت نسبة من أصبح يستخدم الدرج العادي حوالى 70٪، ممن كان يستخدم السلم الكهربائي. هذا التغير الهائل في سلوكيات الناس باستخدامهم للدرج الاعتيادي كان بسبب الفن أو الموسيقى التي جذبت الناس لاستعمال الدرج غير الكهربائي بعد أن أصبح يصدر أصواتاً موسيقية، وأصبح الناس يستمتعون بالأصوات الجميلة المنبعثة من كل درجة. فالفن لعب دوراً أساسياً في تغيير سلوكيات وأنماط حياة الإنسان، فقد أثبتت التجربة مدى قدرة الموسيقى كنوع من أنواع الفنون على تهذيب وتعديل سلوك الناس. الفن ساعد وساهم في تطوير البشرية للأفضل، وكان له دور مفصلي في تهذيب سلوكيات الإنسان ورقيه، ويعتبر الفن وسيلة مهمة في تكوين الوعي الإنساني، فمن أفكار الفنانين ظهرت الاختراعات والابتكارات والتكنولوجيا، والفن بكافة أشكاله وأنواعه من معمار ورسم ونحت وشعر وموسيقى وأناشيد وغير ذلك يدخل في كل مقومات حياتنا النفسية والترفيهية والتعليمية والعلاجية والتربوية والثقافية والرياضية والصحية والدينية. لقد حورب الفن بكافة أشكاله من قبل ما يسمى بالصحوة بالرغم من أهمية الفنون والحاجة الماسة إليها ودور الفن الفعّال في كل مناحي الحياة، ومع ذَلِك وبالرغم من أهميته استبعد الفن عن مناهج الدراسة والتعليم في حين أنه من الواجب أن يكون جزءاً من النظام التعليمي كمادة أساسية للتلاميذ، مما يدعونا إلى مناشدة وزارة التعليم لإعادة الفن للمنظومة التعليمية لما له من دور رئيسي وفعال في صهر وتشكيل الطلاب وتحفيز الإبداع والتطوير والإنتاج وتحسين قدرات التعلم لدى الطالب وتشكيل الوعي والثقافة الإيجابية والتهذيب. * مستشار قانوني osamayamani@ [email protected]