عبر التاريخ الإنساني كانت المرأة مصدر إلهام للبشرية والإنسانية جمعاء حيث دارت حولها وعنها كثير من التصورات والأفكار والمعتقدات والرؤى؛ فعند السومريين استلهموا منها كثيراً من الأفكار والتصورات فكلمة نن (NIN) تعني السيدة العظيمة وهو ما يطلق حتى الآن على الأم الكبرى (الجدة) وكلمة (NINTo) تعني السيدة التي تولد (TO) معتبرين أنها الأرض الأم التي تحوي البشر وتلد الثمار والأشجار وتنبت فيها الأعشاب. شاركت المرأة في صناعة التاريخ الإنساني في جميع أحداثه ومفاصله وأدواره، منذ أن خلق الله جل جلاله آدم أبو البشر وخلق وليفه وأنيسه حواء والمرأة تشارك في صناعة التاريخ البشري والحضارة على كافة المستويات في القيادة والحكمة؛ وقصة بلقيس ملكة اليمن صاحبة الحكمة والرأي والمشورة التي كانت تحكم شعبها بالعدل والحكمة وصاحبة مملكة مزدهرة والتاريخ يحفل بأمثلة عديدة. وقد عرف العرب القدماء ما يسمى ب(دور الأمومة) كما يذكر العالم (روبرتسن سمث) والدليل على ذلك أن أسماء بعض القبائل مؤنثة مثل (مرة) و(قضاعة) و(خادفة) و(عطية) و(مدركة)، كما أن تسلسل النسب مثل البطن والفخذ والظهر والدم والرحم شاهد ودليل على دور الأمومة عند العرب. كما ذهب (نولدكة) إلى أن تأنيث أسماء القبائل دليل على صحة نظرية الأمومة، ومن واضعي نظرية الأمومة العالم الألماني السويسري (باخ أوفن) وهو أحد مؤسسي علم القانون المقارن. ثقافة النظرة الدونية للنساء يجب أن تتغير، فالنساء شقائق الرجال ولا يصح إنقاص قدرهم أو دورهم في المجتمع ولا يصح حجبهن فقد خلقنا الله من ذكر وأنثى لنتعارف ونتعامل ونشترك في البناء والتعمير قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). التفرقة بين الجنسين في الواجبات والحقوق ثقافة لا تتماشى مع روح العصر والبناء والازدهار وهي أحد أسباب تخلف الأمم. فالمرأة كاملة الأهلية دليل على أنها في بلد يتمتع بالرفاهية والتقدم والحضارة والازدهار. المرأة الدكتورة والطبيبة والأستاذة والصانعة والأم والمربية والعاملة نصف المجتمع ولا يقوم للمجتمع ولا للاقتصاد شأن بدون مشاركة فعالة من المرأة والرجل وهو الأمر الذي يحاول البعض وقفه ومنعه بمبررات تجعل من كثير من المجتمعات في العالم الإسلامي تدور في فلك التخلف والتأخر وانعدام الإنسانية وفقدان المساواة التي تبدأ باضطهاد المرأة، فالطفل فالضعيف، فالعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة، وتنتهي بعموم الإنسان بكل أوجهه وفئاته. لهذا حان الوقت لإعادة النظر في دور المرأة الحقيقية لتقف بجوار الرجل بشموخ، فهي الملهمة والأم والأخت والبنت ونصف المجتمع المبدع. * مستشار قانوني osamayamani@ [email protected]