في غضون 12 يوما فقط، أطلق صندوق الاستثمارات أربعة مشاريع عملاقة، متوقعا أن تحدث نقلة نوعية وحضارية كبرى، وستوفر 418 ألف وظيفة بنهاية 2030، باستثمارات تبلغ قيمتها 41 مليار ريال. وخلال العشر الأواخر من شهر سبتمبر الماضي، أعلن الصندوق تدشينه شركة للاستثمار في الترفيه برأسمال 10 مليارات ريال، وتبعها إعلانه إنشاء مشروع «جدة داون تاون» باستثمارات قيمتها 18 مليار ريال خلال 10 سنوات فقط، ألحقها أمس (الإثنين) بإعلانه مشروع شركتي «رؤى الحرم المكي، والمدينةالمنورة»، اللتين ستساهمان في الناتج المحلي سنويا بما قيمته 15 مليار ريال، (بإجمالي ناتج يومي يبلغ 41.1 مليون ريال). وأعلن صندوق الاستثمارات العامة أنه بصدد تأسيس شركة «رؤى الحرم المكي»، الهادفة إلى تطوير مشاريع تسهم في رفع الطاقة الاستيعابية لاستضافة الأعداد المتزايدة من الزوار القادمين للمملكة؛ لأداء مناسك الحج والعمرة، والعمل كمحرك رئيس في تطوير منطقة المسجد الحرام، والنهوض بمستوى قطاع الضيافة وجودة الخدمات المقدمة وفقا لأفضل المعايير العالمية. وتنفذ المرحلة الأولى من مشاريع الشركة على مساحة 854 ألف متر مربع شمال المسجد الحرام، وتهدف إلى تطوير نحو 115 مبنى تتسم بتصاميم عمرانية متنوعة، تحاكي الطراز المكي بطاقة استيعابية فندقية تقدر بنحو 310 آلاف نزيل لليوم الواحد في نحو 70 ألف غرفة فندقية. ومن المتوقع أن تسهم المرحلة الأولى في توفير نحو 9 آلاف وحدة سكنية، وما يقدر بنحو 360 ألف متر مربع من المساحات التجارية، إضافة إلى مساحات ستخصص للصلاة تتسع لأكثر من 400 ألف مصل. وتخطط شركة «رؤى الحرم المكي» لرفع مستوى التطوير العمراني بالمنطقة المحيطة بالمسجد الحرام ليصبح من أفضل نماذج التطوير العالمية، إضافة إلى إسهامها في توليد الوظائف، وجذب الاستثمارات كجزء من خطة أوسع لتنويع الاقتصاد الوطني، إذ يؤمل للمشروع أن يوفر فرص عمل تزيد على 160 ألف وظيفة بحلول عام 2030، كما تشير التقديرات الأولية إلى أن إسهام مشاريع الشركة في الناتج المحلي يقدر بنحو ثمانية مليارات ريال سنويا. ويجري العمل على وضع حجر الأساس والبدء بأعمال تطوير البنية التحتية للمشروع خلال العام 2018، على أن يشغل المشروع عام 2024. من جهتهم، ذكر عقاريون ومستثمرون بمكةالمكرمة ل«عكاظ» أن إعلان صندوق الاستثمارات العامة تأسيس شركة «رؤى الحرم المكي» يمكن الجهة الشمالية التي شهدت التوسعة التاريخية لساحات المسجد الحرام من التطوير العقاري، ويقضي على ظاهرة الركود التي يشهدها القطاع العقاري في منطقة مكة. وأكد عضو اللجنة العقارية بغرفة تجارة وصناعة مكةالمكرمة وعضو الهيئة السعودية للمقيمين محسن السروري ل«عكاظ» أن إطلاق أعمال الشركة سيكون بمثابة المحرك لبورصة الاستثمار العقاري قي قبلة الدنيا وأن ميلادها سينهي ظاهرة الركود التي يشهدها القطاع العقاري. وأشار إلى أن مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة لهما خصوصية لدى عموم المسلمين؛ ما يشجع رساميل ورجال أعمال ومستثمرين على تحريك عجلة النمو في تلك المدينتين المقدستين من خلال دخولهم ضمن نطاق التطوير العقاري. من ناحيته، قال عضو الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين عضو التحكيم الدولي التجاري العقاري فواز عادل ل«عكاظ»: «تأسيس صندوق الاستثمارات العامة لشركة تعنى بالشأن العقاري في أقدس مدينتين يقصدها المسلمون طوال العام سيكون رافدا وطنيا ومعلما حضاريا يضاف إلى العاصمة المقدسة والمدينةالمنورة، والمشروع من الناحية العقارية سيضخ سيولة مالية كبيرة؛ ما يساهم في تحريك السوق العقارية بمكةالمكرمة». وبين أن وجود مثل هذه المشاريع في التطوير العقاري سينعكس إيجابا على ارتفاع أسعار بعض المخططات القريبة من منطقه الحرم المكي والمدني. ولفت إلى أن الشركة سيكون لها تأثير إيجابي على قطاع البناء والمقاولات، خصوصا الحديد والأسمنت وغيرهما ما يزيد المنافسات بين الشركات؛ الأمر الذي سيتمخض عنه انتعاش جميع الأسواق المحلية في كافة المجالات، وخلق فرص عمل للشباب السعودي. أعلن صندوق الاستثمارات العامة تأسيس شركة «رؤى المدينة»، وهي شركة تطوير عمراني، تهدف إلى تعزيز جاهزية منطقة المسجد النبوي لاستضافة عدد أكبر من الزائرين للمدينة المنورة. وسيسهم المشروع في توفير فرص عمل تصل إلى 200 ألف وظيفة، وإضافة ما يقدر ب 7 مليارات ريال إلى الناتج المحلي سنوياً. وتهدف الشركة عبر تطوير منطقة شرق المسجد النبوي، البالغ مساحتها 1.3 مليون متر مربع، إلى إضافة طاقة استيعابية فندقية تقدر ب 240 ألف نزيل في اليوم الواحد ونحو 80 ألف غرفة فندقية، وتوفير نحو 500 وحدة سكنية، إضافة إلى مساحات ستخصص للصلاة تتسع لأكثر من 200 ألف مصل، علما أن أبعد نقطة في المشروع لا تتعدى مسافة 1.000 متر فقط عن الجناح الشرقي للمسجد النبوي. وتشمل أعمال الشركة تطوير منظومة متكاملة من المشاري الفندقية والتجارية والسكنية، إلى جانب تطوير وتهيئة المراكز والمتاحف لتعزيز النواحي الدينية، والثقافية، والتاريخية، والمحتوى المحلي للمدينة المنورة، وبناء شراكات إستراتيجية، وتوفير فرص استثمارية مجدية لمشاركة المستثمرين والقطاع الخاص، كما يهدف المشروع إلى مراعاة قدسية المسجد النبوي وإيجاد منظومة متكاملة لمسارات المشاة مفصولة عن حركة المركبات واستحداث محطات للنقل العام تقع على نهاية ممرات المشاة. ويأتي تأسيس الشركة تماشيا مع رؤية السعودية 2030، الرامية إلى رفع الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن، وإثراء رحلتهم الدينية وتجربتهم الثقافية، وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لزيارة المسجد النبوي الشريف، في إطار ما تشير إليه التقديرات الأولية إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي عدد زوار المدينةالمنورة إلى 23 مليون زائر سنويا بحلول العام 2030. من جهتهم، أكد اقتصاديون متخصصون ل«عكاظ» أن مشروع شركة رؤي يعد امتدادا للمشاريع النوعية، التي ستكون لها نقلة كبيرة في المنطقة، ويأتي ضمن اهتمام خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالمدينةالمنورة. وبين رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة منير ناصر ل«عكاظ» أن المشروع سيكون نقلة نوعية في المنطقة، خصوصا أن الاستثمارات تتضمن مختلف القطاعات، إذ إنه يحقق رؤية 2030، التي ترفع أعداد الزوار والمعتمرين، وسيساهم في إيجاد فرص استثمارية كبيرة وسيكون له مردود إيجابي على المدينةالمنورة في شتى الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، وخلق فرص جديدة لكثير من الشباب والشابات السعوديات. من ناحيته، ذكر المحلل الاقتصادي وعضو مجلس غرفة المدينةالمنورة السابق عبدالغني الأنصاري ل«عكاظ» أن المشروع سيغير الخريطة الاقتصادية في المنطقة؛ نظرا إلى أنه مكمل لمشروع رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى استقطاب 15 مليون معتمر تدريجيا، من خلال الارتقاء بالبنية التحتية بجميع أنواعها، التي تتضمن النقل العام والطرق. وأضاف:«المشروع سيعمل على خلق فرص وظيفية غير مباشرة متوقع أن تصل إلى أكثر من نصف مليون وظيفة في مكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، وخفض نسبة البطالة بشكل كبير؛ لذلك نحتاج إلي إنشاء مركز لاقتصاديات الحج والعمرة لدراسة انعكاسات المشروعين في العاصمة المقدسة وطيبة».