حاجات مواطني قرية «الفرشة» التابعة لمحافظة صبيا محصورة، وحلها وإزالة أكوام الورق عن طاولتها ميسورة، غير أن الروتين أرجأ مشاريع كثيرة، وعطل طموحات واسعة للقرية الحالمة. وبنظرة واحدة لشوارع «الفرشة» فإنها تآكلت بفعل الزمن وتداعيات الأيام، فبعضها هجرها العابرون قبل عقود بسبب الإهمال. اتجهت عدسة «عكاظ» غربا على بعد 11 كيلومترا عن «الفرشة»، لعكس المعاناة القاسية لأهاليها ومطالبهم، فأهالي القرية ناشدوا المسؤولين عبر «عكاظ» توفير بعض الخدمات التي حرمت منها القرية، ليتمكن المواطن من العيش مثل غيره في القرى المجاورة، وأوضح بعض السكان «رفعنا عدة شكاوى وطالبنا فيها بوضع حل لهذه المشكلات ولم نجد حلا». شيخ القرية علي زكري قال: «معاناة أهالي الفرشة قديمة ولم يوجد لها حل، فالقرية منسية تماما من أجندة بلدية صبيا وإدارة المياه، تعاني القرية من الشوارع الترابية والمظلمة، وعدم توفر الماء النظيف فنعتمد على بئر وخزان نفذهما أحد فاعلي الخير لا يفيان بمتطلبات الأهالي»، مضيفا «سبق أن طالبنا بلدية صبيا بالسفلتة والإنارة ونظافة الشوارع ولم نر على أرض الواقع شيئا حتى الآن، ونتمنى من الجهات المسؤولة النظر إلى خدمات القرية المحرومة منذ زمن وتنفيذها بأسرع وقت لإنهاء تلك المعاناة، فنحن نفتقد الخدمات الضرورية بما فيها مدرسة للأطفال بدل من المسافات اليومية للقرى المجاورة على نفقة أولياء أمورهم». وينتقد عرار علي إبراهيم وموسى حيان، بلدية صبيا التي وقفت عاجزة عن تحسين وضع قريتهم، ويوضحان «طالبنا البلدية أكثر من مرة بإنارة الشوارع وسفلتتها التي حولت أجواء القرية إلى غبار دائم»، مضيفين أن القرية تنام مع غروب الشمس بسبب الظلام الدامس الذي يغطي شوارعها. وأكد مطاعن وعصام حيان، أن المياه في الفرشة ليست بأحسن حالا من الطرق، فيضطر الأهالي مجبورين إلى شراء صهاريج المياه (الوايتات) بسعر باهظ، فيشربون منها مع إنها غير صالحة للاستخدام، ولكنهم مجبورون، وذوو الدخل المحدود يقفون عاجزين أمام غرور سائقي «الوايتات» ونفوذهم. وأوضح مطاعن «بالرغم من نقص الخدمات والشكاوى والمطالبات المتكررة إلا أننا نعيش على أمل أن تلقى أصوات الأهالي ومطالبهم آذانا صاغية تكفل لهم نوعا من الحياة الطيبة وتنهي معاناتهم التي عاشت معهم لسنوات طويلة. ويقول عبده محمد طميحي: شوارع القرية وعرة أصابت المركبات (السيارات) بالكساح، وبعضهم يقطع المسافات على قدميه خوفا على مركبته، خصوصا بعد هطول الأمطار الغزيرة، إضافة إلى مخاطر الزواحف السامة، مضيفا «رغم كل هذه المطالبات لم نجد أي حل، لقد أتعبنا العطش، وتسبب غبار الشوارع بانتشار حساسية الصدر وضيق التنفس والربو بسبب الشوارع الرملية، وطالبنا أكثر من مرة بهذه الخدمات ولكن لا حياة لمن تنادي». وأكد أنهم يقومون بحرق «القمائم» إذا زادت على حدها للتخلص منها ومن الحشرات الناقلة للأمراض، إضافة إلى الأضرار التي يحدثها دخان الحرق، مطالبين بالنظافة المستمرة، وبشبكات للهاتف والمياه المحلاة، وبتسوير مقبرة القرية، موضحين أن «الحظائر» تقاسم الأهالي مساكنهم. رئيس البلدية يرد.. ومطالبة بتدخل «البلدي» أكد رئيس بلدية صبيا قاسم مشهور شماخي في حديثه ل «عكاظ»، أن قرية الفرشة أدرجت ضمن مشاريع البلدية الجديدة أسوة ببقية القرى فيما يتعلق بأعمال السفلتة والإنارة استكمالا لما تم فيها من سفلتة سابقة، وخصصت لها فرقتان إحداهما لصيانة الحفريات والأخرى للنظافة لتكثيف العمل واستدراك أي قصور في هذه الأعمال. ومع هذا الرد، نفى أبناء الفرشة ما ورد على لسان رئيس بلدية صبيا، موضحين أنه لم تتم سفلتة شوارع الفرشة لا من بعيد ولا من قريب، والواقع يبين ذلك، مشيرين إلى أن النظافة سيئة، مما يضطرهم إلى حرق النفايات في مكان تجمعها في القرية، خصوصا أن بقاءها مدة طويلة يسبب الكثير من الأمراض لأبناء القرية. وتمنوا من أعضاء المجلس البلدي بصبيا زيارة القرية للوقوف على المعاناة، والتأكد من وضعها السيئ ليعلموا أن القرية منسية من قبل بلدية صبيا ولا أحد يسأل عنها ولا عن حاجاتها، وأكدوا أن كل ما يأملونه تنفيذ طلباتهم بالخدمات الضرورية التي من المفروض تنفيذها دون مطالبات أو شكاوى. «الحرجة» تبحث عن مستوصف.. و«الحصن» عن الماء بالاتجاه شرقا إلى قرية الحرجة أو ما يطلق عليها «الحزام الأخضر» التي تبعد عن محافظة ضمد سبعة كيلومترات، فمنذ أكثر من 28 عاما وأهاليها يبحثون عن تنفيذ مستوصف، وما زال الأمل موجودا لديهم لوجود أرض خاصة لإنشائه، بعد أن تسلمت الشؤون الصحية بجازان صكا لهذه الأرض تبرع بها أحد أهالي القرية عام 1411 لبناء المستوصف، الذي يقطع أهاليها المسافات الطويلة وصولا إلى المستشفيات خارج القرية بحثا عن العلاج، كما يوضح إبراهيم مصيخ، وهذا المطلب ينضم إلى المطالب العديدة لأهالي القرية التي لم تجد طريقا لتنفيذها، واعتبر أهالي القرية أن النسيان طالها. ويؤكد شيخ القرية الشيخ أحمد أبو دية أن مشروع المستوصف اعتمد منذ عام 1411 ولم ير النور حتى الآن، وأهالي القرية يسلكون دروبا وعرة بمرضاهم باتجاه ضمد وأبو عريش، ويقصد بعضهم المستشفيات الخاصة رغم حالتهم المادية الصعبة، موضحا «سعدنا بتوجيه مدير الشؤون الصحية السابق بجازان عام 1414 بإعطاء الحرجة الأولوية في المشاريع الصحية، إلا أن المشروع متوقف ولا يزال المرضى يعانون الأمرين؛ المرض والبحث عن العلاج عبر الخطوط المزدحمة، خصوصا أن بين السكان عجزة وذوي أمراض مزمنة. أما الشيخ ناصر معاما (إمام وخطيب جامع الحصن)، فيوضح أن «ماء التحلية الذي يغذي سكان الحرجة والحصن كثير الانقطاع، وبعض الأوقات يستمر الانقطاع لأسابيع، ما نضطر معه لجلب الماء من المشروع القديم في وادي ضمد، وكثير من الأوقات يصعب الوصول إليه بسبب الطريق»، مؤكدا أن أبناء القرية يتمنون إصلاح طريق مشروع الماء وتشغيله بسبب وعورة الطريق المؤدي إليه. ويؤكد حسين الأمير أنهم يعيشون حالة تهميش من البلدية، خصوصا رئيسها السابق، «فلم نحصل في أيامه على أي خدمة؛ الطرق غير الصالحة للسير أنهكت مركباتنا، وتزداد معاناتنا مع هطول الأمطار عندما تصبح الطرق مستنقعات لا نستطيع السير فيها إلا بصعوبة». وفيما يطالب عبده ركزي بمشروع درء مخاطر السيول من الجهتين الشرقية والشمالية الذي لم يكتمل بناؤه، فإن أحمد أبو دية وجابر معافا يتحدثان عن وضع مقبرة الحرجة، موضحين أنها تهدد المنازل المجاورة بعدما أحاطت بها الأشجار الكثيفة، وما يخشاه الأهالي من الزواحف والثعابين السامة والحشرات الضارة التي تخرج من بين الأشجار ترعب المارة وأصحاب المنازل المجاورة. من جانب آخر، يحمل أهالي قرية الحصن (تبعد عن الحرجة كيلومترا واحدا) مطالب أهمها، كما يوضح يحيى شوعي وحسين إبراهيم، تدفق مياه التحلية للمنازل بدلا من الانقطاعات لأيام وأسابيع، فيضطر الأهالي إلى الآبار والصهاريج المستأجرة بأثمان عالية، مشيرين إلى أن مشروع التحلية في ضمد وقراها لم ينجح للقطوعات المتكررة والأعطال في مضخات المياه، وعدم تشغيل خزان ضمد والقمري. الحلقة القادمة: «الجهو» تستغيث.. «والإهمال» سيد الموقف