يعتبر خبراء ومحللون أن الآلية وسرعة الإنجاز في اختيار ولي العهد، بعد أسبوعٍ واحدٍ فقط من وفاة سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله، تؤكد أن السعودية دولة مؤسسات مستقرة. ففي صحيفة "الشرق الأوسط" يؤكد الكاتب الصحفي طارق الحميّد، أن السعودية تقدم للعالم درساً في الحكم والسياسة، ويقول "من الجمعة إلى الجمعة، وفي أسبوع بالعد والكمال، قدمت القيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، درساً في الحكم والسياسة، وحتى أخلاقيات الأخوة بين أفراد الأسرة الواحدة". ويضيف الحميّد "في الأسبوع المنصرم، ويا له من أسبوع! ودّعت الرياض أميراً عزيزاً، وركناً من أركان الحكم، الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله رحمة واسعة -، واستخلفت أخاً له هو ركنٌ من أركان الحكم أيضاً، الأمير نايف بن عبد العزيز، وتمّ كل ذلك بإشراف الملك نفسه، وأمام الشعب، وبشفافيةٍ عالية، حيث فعّل العاهل السعودي آلية نظام هيئة البيعة غير الملزمة له أساساً، لاختيار ولي عهده الجديد الأمير نايف بن عبد العزيز. كل ذلك تمّ والبلاد رسمياً في موسم الحج، وعلى أراضيها ما يزيد على المليون حاج، من دون أن يتأثر نظام البلاد، بمناشطه كافةً، أو أن يشعر المواطن السعودي بقلقٍ ما، خصوصاً أن جميع أبناء الملك المؤسِّس - طيّب الله ثراه، ومسؤولي الدولة، كانوا في العاصمة الرياض، وتحت سقفٍ واحد، يودعون الأمير سلطان إلى مثواه الأخير! هكذا كانت السعودية طوال الأسبوع المنصرم، لمَن يريد رؤية الصورة الكاملة، وفهم أبعادها"،. ويضيف الحميّد "وهذا ليس كل شيء، فقد كان الملك عبد الله بن عبد العزيز يقدّم درساً في الحكم، وعظمة معاني الأخوة. كيف لا وهو يغادر المشفى فوراً بعد عمليةٍ جراحيةٍ في الظهر، فقط ليكون على رأس مستقبلي جثمان أخيه الأمير سلطان بالمطار، بصورةٍ لامست السعوديين جميعاً، حيث رأوا الوفاء بقمة معانيه، وفاء الأخ لأخيه، حتى الأمير نايف بن عبد العزيز نفسه قال في مقابلة له مع التلفزيون السعودي إنه رجا خادم الحرمين الشريفين بألا يخرج إلى المطار خشية على صحته، لكن الملك أصرّ على أن يكون في مقدمة مستقبلي جثمان أخيه الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله. كما كانت مراسم العزاء، وقبلها الصلاة على الفقيد، صوراً من الصعب أن تُنسى، حيث لامست السعوديين على كل المستويات. فيومها تأثر السعوديون وهم يرون الأمير نايف يحمل نعش الفقيد، ومثله الأمير سلمان بن عبد العزيز، حيث حمل أيضا نعش أخيه الأمير سلطان يوم الصلاة عليه. كل تلك الصور كانت رسالة سياسية عفوية، لكنها مهمة، حيث أفصحت عن تركيبة الدولة السعودية، ولحمة قيادتها". وتحت عنوان "ولاية العهد والتقاليد السعودية" يؤكد الكاتب الصحفي عبد الرحمن الراشد أن "قوة الدولة أن لها صورة واضحة، ذات حركة متوقعة، في التعيينات والقرارات. وقد يخشى البعض من أن هذه الرتابة والتقليدية لا تتسقان وحركة الدولة الحديثة. طبعا، هذه مسألة تستحق النقاش، إنما إحصائياً نرى أن الأنظمة القادرة على المحافظة على تقاليدها والتزاماتها هي الباقية والراسخة، ولنا في ما حدث للجمهوريات التي سعت للتوريث والانتقال إلى خط الملكيات نموذجٌ على الفوضى التي لا تدوم". ويمضي الراشد قائلاً "في دائرة الحكم السعودي لا يوجد انتقالٌ، ولا توجد فعلياً وجوهٌ جديدة، جميعهم معروفون ومجربون، وعلى تواصلٍ لا ينقطع. وولي العهد الجديد ليس طارئاً أو جديداً، بل نشط في معالجة كل الملفات الصعبة، وذلك بحكم المواقع التي عمل فيها وأدارها، من الإشكالات الداخلية إلى الخارجية. من الإرهاب إلى البطالة والعلاقات الخارجية".