قال شهود عيان إن قوات سورية تدعمها الدبابات قصفت أجزاء من درعا واقتحمت المسجد العمري أمس السبت في محاولة لإخماد المقاومة في المدينة الجنوبية التي اندلعت فيها الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبية المطالبة بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد. وقال أحد سكان المدينة ويعيش في حي المنشية بالقسم العتيق في المدينة : (القصف مكثف. هذه أسوأ ليلة. النساء والأطفال فوق أسطح المنازل يهتفون.. الله اكبر على الظالم). وقال إن قوات الأمن تدخل المنازل وتجر الرجال إلى حافلات. وكان سكان قد قالوا في وقت سابق إنهم سمعوا صوت إطلاق نار في الحي القديم حيث يوجد المسجد العمري الذي يعد مركزا للاحتجاجات. وقال أحد السكان (هناك قناصة على سطح المسجد). مضيفا أن قوات مدعومة بدبابات تبدو مسيطرة على الحي القديم لأول مرة منذ مهاجمة المدينة يوم الاثنين. وقال المواطن أبو احمد: (يبدو انهم يريدون إنهاء هذه الحملة. يبدو من النشر الأخير للدبابات انهم يكثفون عملياتهم السبت). وكانت الدبابات والجنود السوريون دخلوا درعا للمرة الأولى يوم الاثنين لكبح الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية والتي انتشرت في سورية البالغ عدد سكانها 20 مليونا الأمر الذي يشكل اكبر خطر على حكم الأسد ودفع القوى الغربية إلى فرض عقوبات. وذكر سكان أنهم سمعوا إطلاق نار كثيفا معظمه من الحي القديم في درعا يقع على تلة قرب الحدود مع الأردن واغلبه سكني. وقال أحد السكان ويدعى أبو طارق لوكالة (رويترز) : (منذ الفجر نسمع دوي تبادل كثيف للنيران يتردد في شتى أنحاء المدينة دون أن تعرف ما الذي يجري). وبرغم النشر العسكري المكثف والاعتقالات الجماعية خرج المتظاهرون مرة أخري إلى الشوارع بوم الجمعة داعين إلى الإطاحة بالأسد. وقال مصدر طبي إن جنودا في درعا قتلوا 19 شخصا الجمعة عندما أطلقوا النار على الاف المحتجين الذين قدموا من قرى قريبة إظهارا للتضامن. وقالت منظمات سورية لحقوق الانسان إن العدد الإجمالي لقتلى الجمعة بلغ 62 شخصا مما يرفع عدد الذين لقوا حتفهم منذ بدء الانتفاضة الى اكثر من 500. ودفعت الحملة السورية القوى الغربية الى اتخاذ اولى خطواتها الملموسة لعقاب سورية بسبب أراقة الدماء. فقد فرضت واشنطن عقوبات جديدة على شخصيات سورية من بينها شقيق للأسد يقود فرقة الجيش التي اقتحمت درعا يوم الاثنين. ووقع أوباما أمرا تنفيذيا يفرض العقوبات على عاطف نجيب قريب الأسد وعلي مملوك المدير العام للمخابرات السورية والحرس الثوري الإيراني المتهم بمساعدة حملة القمع السورية. وقال دبلوماسيون بالاتحاد الأوروبي انهم توصلوا لاتفاق مبدئي لفرض حظر للسلاح على سورية وانهم سيدرسون بشكل عاجل اتخاذ تدابير أخرى. واندلعت مظاهرات اخرى في مدن حمص وحماة وبانياس على البحر المتوسط والقامشلي في شرق سورية وحرستا وهي من ضواحي دمشق. وقالت منظمة سواسية لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي إن 500 مدني على الأقل قتلوا منذ بدء القلاقل قبل ستة أسابيع. وتشكك السلطات في ذلك وتقول ان 78 من قوات الامن و70 مدنيا قتلوا في أعمال العنف التي تنحي باللائمة فيها على جماعات مسلحة. وانحت الوكالة العربية السورية للأنباء باللائمة على -جماعات إرهابية مسلحة- في قتل ثمانية جنود قرب درعا. وقالت إن هذه الجماعات أطلقت النار على منازل الجنود في بلدتين قرب درعا وقام الحرس بصدها. لكن شاهدا في درعا قال ان القوات السورية أطلقت الذخيرة الحية على آلاف القرويين الذين قدموا الى المدينة المحاصرة. وقال نشط حقوقي في درعا يوم الجمعة إن جثث 85 شخصا قتلوا منذ اقتحام الجيش المدينة يوم الاثنين كانت موجودة بمشارح مؤقتة في المدينة القريبة من الحدود الجنوبية لسورية مع الأردن. ولاقى القمع العنيف الذي قام به الأسد إدانة متزايدة من الدول الغربية التي سعت منذ عدة سنوات للتواصل مع دمشق وتخفيف تحالفها الوثيق المناهض لإسرائيل مع إيران وجماعة حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). * * * دعوة للتظاهر * * * ورغم القمع، دعا الناشطون إلى تظاهرات جديدة اعتبارا من الاحد تحت شعار (أسبوع رفع الحصار)، في إشارة إلى الحصار الذي يفرضه الجيش السوري على درعا ودوما في شمال دمشق. وأكد الناشطون على موقع التواصل الاجتماعي أن (دمكم أنار لنا طريق الحرية. نعاهدكم أن نحمل الراية التي بذلتم لأجلها دماءكم ونواصل المشوار. نعاهدكم أن دمكم الطاهر لن يذهب هباء). وأضافوا أن (الشهداء هم الخالدون. أما القتلة المجرمون فسيذهبون إلى مزابل التاريخ بعد أن يحاكمهم الشعب ويقتص منهم). وتابع النداء أن (الحرية قادمة لا محالة. هذا الشعب بذل دماءه وفلذات أكباده وزهرة أبنائه لأجل الحرية وسينال الحرية قريبا قريبا. ستزهر دماءكم الزاكية يا شهداءنا الأبرار). ودعوا إلى تظاهرات الأحد في درعا والاثنين في ضواحي دمشق والثلاثاء في بانياس وجبلة (شمال غرب) والأربعاء في حمص وتلبيسه (وسط) وتلكلخ عند الحدود مع لبنان. وينوي المتظاهرون الخميس تنظيم (اعتصامات ليلية) في كل المدن. وتحدى عشرات آلاف المتظاهرين الجمعة قرار منع التظاهر وخرجوا إلى شوارع عدة مدن مرددين (حرية) وداعين إلى (إسقاط النظام).