رانية صالح المالكي ذُكِرَ لرسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجُلان: أحدهما عابدٌ، والآخر عالمٌ، فقال رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فضلُ العالم على العابد كفضلي علىٰ أدناكم)). ثمَّ قالَ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّ الله وملائكته وأهل السَّموات والأرض حتَّى النَّملة في جحرها وحتَّىٰ الحوت ليصلُّون علىٰ مُعلِّم النَّاس الخير)). رواهُ التّرمذي: (2901) فالمعلم صاحب رسالة يستشعر عظمتها ويؤمن بأهميتها , ولا يضن على أدائها بغال ولا رخيص فهو صاحب مهنة ذات قداسة خاصة توجب على القائمين بها أداء حق الانتماء إليها إخلاصاً في العمل وصدقاً مع النفس والناس ، وعطاء مستمراً لنشر العلم والخير. والمعلم المسلم يعتز بمهنة التعليم فهي المهنة التي يحاول المعلمون من خلالها أن يجددوا ويبتكروا وينيروا عقول طلابهم وأن يوضحوا الغامض ويكشفوا الخفي ويربطوا بين الماضي والحاضر ، كما أنهم يسهمون بلا حدود في رفاهية مجتمعاتهم ، وتوحيد أفكار أبناء أمتهم وتشكيل مستقبل مجتمعاتهم فمهنة التَّعليمُ فُرْصَة رائعةٌ للدَّعوَة إلى الله تعالى، ومن فضل الله تعالى على المُعَلِّم أن هيَّأَ له قلوبَ وعقولَ الطُّلاب، لتكونَ أرضاً خِصبَةً يزرَعُ فيها من الخير ما يشاء، فلو أنَّ كلَّ معلِّم أيَّاً كان تخصُّصُهُ اغتنمَ مهنَةَ التَّعليم طريقاً لدعوة النشئ المُسْلِم إلى الأخلاق الفاضلة، والعملِ الصالح، الذي ينفعُهُم وينفعُ مجتمعاتهم وإدراك المعلم قيمة ما يقوم به ومحبتُه لمهنته ، هما اللذان يعطيانِهِ تحفيزاً ودفعاً مُستمرِّاً ليبذلَ قُصَارى جهده في أداء دوره الفاعل، فلا يجعل مِهنَة التعلِيم طريقاً للحصول على المال والجَاه والشهرة بل رسالة يبتغي بها وجه الله تعالى أولاً، ونفع أبناء المسلمين ثانياً ولذا على المُعلِّم أن يَصُون نفسَه حقَّ صيانتها، فيبتعدَ عن كلِّ سلوك يُخِلُّ بقدسيَّة مهنة التَّعليم، ويترفَّعَ عن دَنِيءِ المَكاسِب ورذيلِها طَبعَاً، وعن مكروهها عادَة وشرعاً، ويتجنَّبَ مواضعَ التُّهَمِ وإن بَعُدَت، ولا يفعلَ شيئاً يتعينُ نقصَ مروءةٍ، أو ما يستنكر ظاهراً، وإن كان جائزاً باطناً كما أن المعلم المسلم عليه أن يجمع بين قيم الدين وقيم مهنة التعليم ملتزماً بميثاق أخلاقيات هذه المهنة العظيمة واضعاً نصب عينيه رفعة الدين والعلم والوطن .