- الرسالة الأولى: إلى المعلمين والمعلمات: إلى معلمينا الأفاضل، إن المهنة التي تؤدونها مهنة عظيمة، وباب واسع من أبواب نيل الحسنات، والرفعة في الدرجات، فهنيئاً لكم على ما تؤدونه من واجبات، وهنيئاً لكم بما يسر الله عز وجل لكم من المهمات الجزيلات، وهنيئاً لكم هذا الشرف العظيم، ألا وهو تعليم الناس الخير. فعن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير» رواه الترمذي. إخواني، لا يقوم عمل إلا بإخلاص. فعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) متفق عليه. إننا نجد بعض من شرفهم الله بهذه المهنة يضيعون كل ما يتاح لهم من أجر وخير بسبب تركهم للإخلاص، فترى الواحد منهم لا يؤدي عمله إلا لأجل المال، ولا يهتم بوقت درسه ولا بفائدة طلابه، فلا يبالي بسلوك منحرف عند الطلاب، ويرى الكثير من انحرافات الطلاب التي لا يأبه بها المعلم أبداً، وغاية ما يفعله كتابة تعهد، والمهم عنده أن ينتهي وقت الدوام ليفك نفسه من هم ذلك اليوم وغمه، ولم يخطر على باله أبداً أنه يؤدي رسالة في مجتمعه، ليخرج من تحت يده واحد يعلم الناس، وآخر يعالج مرضى المسلمين، وثالث ورابع وخامس وسادس، كل أولئك على شريعة الله، وعلى منهج رسول الله، لينال هذا المعلم كل ما يجمع أولئك من الحسنات إن هو أخلص في دينه وعمله، وأدى الأمانة على أكمل وجه. ولا يُفهم من كلامنا هذا أن المعلم والمعلمة لا يبحثان عن المال، كلا، فالمال ضروري للحياة، بل نطالب كل أحد بالكسب الطيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلاً فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه) متفق عليه، وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا فقلت بالشطر فقال لا ثم قال الثلث والثلث كبير أو كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك» متفق عليه. إذاً أيها الاخوة كسب المال لا يعارض الإخلاص ولنتذكر أن الله مطلع على قلوبنا فالحذر الحذر. ووصيتي لإخواني وأخواتي المعلمين والمعلمات بالرفق واللين في كل شيء حتى في العقوبة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» رواه مسلم، وكم ارتفع قدر المعلم عند طلابه بالرفق واللين والمعاملة الحسنة. - الرسالة الثانية: إلى الطلاب والطالبات: أوصيكم بالإخلاص لله عز وجل أولاً ثم المثابرة والاجتهاد فلكل مجتهد نصيب. أبناءنا الطلاب والطالبات إن من أول ما ينبغي عليكم تجاه علمكم الذي تتعلمونه بعد الإخلاص لله تعالى توقير المعلمين واحترامهم، فكم هو جميل أن تكون علاقة الطالب بمعلمه علاقة ود واحترام، فعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، والجزاء من جنس العمل. ومما ينبغي على الطالب البعد عن أصدقاء السوء والتقرب لأصدقاء الخير الذين يعينونه على أمور دينه ودنياه قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة» متفق عليه. وقل لي من تصاحب أقل لك من أنت، وإذا تأملنا حياة الشباب وجدنا أن أكثر صفاته المكتسبة وليس كلها، قد اكتسبها من أصدقائه سواء كانت خيراً أو شراً، ولا يمكن أن يجتمع ضدان، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. ومما ينبغي على الطالب التميز والحرص والمثابرة والجد والاجتهاد، فلا يؤجل عمل اليوم إلى الغد. فإلى متى الغفلة. وكذلك ينبغي للطالب أن يكون متميزاً في كلامه، فلا يتكلم إلا بخير قال صلى الله عليه وسلم: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» متفق عليه. وكذلك يكون مميزاً في خلقه فيكون خلقه حسناً، متخلقاً بخلق الإسلام وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: تقوى الله وحسن الخلق وقال صلى الله عليه وسلم «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس يخلق حسن». ويكون أدبه حسناً متأدباً بآداب الإسلام، فقد كان يحضر درس الإمام أحمد - رحمه الله - أكثر من خمسة آلاف طالب، خمسمائة طالب للعلم والباقون يطلبون الأدب وحسن السمت. - الرسالة الثالثة: أبعثها إلى أولياء الأمور: لماذا تراجع كثير من أبنائكم في دراسته؟ لماذا اضطربت علاقاتهم بأهاليهم؟ لماذا ولماذاو لماذا، اسمحوا لي أن أقول لكم أيها الاخوة أن بعض فساد أبنائنا بسببنا نحن، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته» رواه البخاري، فلينظر كل واحد منا فيما استرعاه ربه. ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها في البيت تنظيم الوقت فلا يكون البيت مثل الفنادق يدخل أفراده ويخرجون منه كما يشاؤون، وينامون ويقومون كما يشاؤون، ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. أحبتي الكرام أنهمل أبناءنا طوال العام. ونطالبهم في نهاية العام بالدرجات العالية في المدرسة؟!! هذه الرسائل الثلاث أحببت المشاركة فيها لعل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية