بقلم : عطيه السهيمي إنَ الأنماط القيادية لدى قادة المدارس ، وما يرتبط بها من سلوكات وممارسات لها دور كبير ومؤثر في فاعليّة الأداء المدرسي ، كما ينعكس على درجة تحقيق الأهداف التربوية ، وأهمية أن يكون بالمدرسة إدارة مدرسية واعية ، يمثّلها إداري ترقى ممارساته وسلوكاته إلى ممارسات وسلوكات القائد التربوي الذي يُسهم بشكل فعًال في تحقيق أهداف المدرسة . وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تقوم بها وزارة التعليم بهدف تعزيز الممارسات القيادية لقادة مدارس التعليم العام بشكل عام ، وتنفيذها للعديد من البرامج التدريبية والأنشطة لرفع الممارسات القيادية ، إلاّ أنّه من الملاحظ أن هناك تباين في الممارسات القيادية لقادة المدارس . بالرغم مما أشارت إليه العديد من الدراسات إلى أنّ النمط الديموقراطي هو النمط السائد لدى قادة مدارس التعليم العام . وبالرغم من أن هذه النتائج والتي أكّدت ممارسة قادة المدارس للنمط القيادي الديموقراطي لا تعكس حقيقة وطبيعة ممارسات وسلوكات قادة المدارس في الواقع الميداني ، حيث نلمس بعض المؤشرات السلبية المرتبطة بسلوك قائد المدرسة . فالمتأمّل في الواقع التربوي يلمس انعكاسات النمط القيادي على مشاعر المعلمين والتي تمثّل تصوّرات المعلمين عن القيم السائدة بالمدرسة . حيث أن النمط الأوتوقراطي الذي يجعل قائد المدرسة متفرداً بالسلطة ينعكس سلباً على الرضا الوظيفي للمعلمين ، إذ أن بعضهم يخشون القائد ولا يقومون بالعمل بحريّة ، ويجدون راحة عندما يتغيّب القائد. كما أنّ هناك آثاراً سلبيّة تترتّب على النمط القيادي الأوتوقراطي في الثقافة المدرسيّة وأهميتها في نجاح العمل المدرسي ، ولا يتوقّف أثر النمط الأوتوقراطي عند هذه السلبيات فحسب بل يمتدّ إلى ما هو أعمق من ذلك ، فالقائد الأوتوقراطي يركّز كل السلطات في يده ، ويعتبر مركز اتخاذ القرارات ، ولا يعطي اهتماماً لآراء الأتباع . وهذا يؤدي إلى وجود مشاركة محدودة للغاية في صنع القرارات ، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدافعية والانتماء للمدرسة ، وبالتالي انخفاض معدلات الإنجاز لديهم. وهذه المؤشرات تؤكّد على أهميّة النمط القيادي وعلاقته الوطيدة بما يسود المدرسة من قيم . ومن هنا أصبح من الضروري أن يتجاوز قائد المدرسة الأدوار الروتينيّة المرتبطة بالعمل الإداري التقليدي في تسيير الأمور . ولزم عليه ممارسة أدوار قياديّة تقوم على التأثير والتحفيز وتعزيز دافعيّة المعلّمين ، وهذا لا يتأتّى إلاّ من خلال إلمام قادة المدارس بالمهارات القياديّة التي تُسهم في توفير هذه المناخات الإيجابيّة ومن هنا نؤكّد على ضرورة تزويد قادة المدارس بالخبرات اللازمة حول الاتجاهات المعاصرة في الإدارة والقيادة ، والحاجة لإدراك قائد المدرسة بأن نجاحه يعود لتأثير النمط القيادي الذي يمارسه في تعامله مع الأتباع ، وشعورهم بالرضا الوظيفي تحت هذه الإدارة. وضرورة المحافظة على المستوى العالي من الروح المعنويّة لدى المعلمين ، وذلك لأنّ الروح المعنويّة ترتبط بالنمط القيادي لقائد المدرسة . ومن الملاحظ أن الأنماط القيادية وتأثيرها في سلوكات المعلمين تعبّر عن القيم التي يؤمن بها قائد المدرسة ويتمثّلها . حيث أنه وبالنظر لممارسات المعلمين وسلوكاتهم كنتائج متوقّعة لسلوك قائد المدرسة نجد أنّ الرغبة الإيجابية في المشاركة في عملية اتخاذ القرارات هي انعكاس لديموقراطيّة القائد وإيمانه بأهميّة الشورى والمشاركة والتعاون ومنح الحريّة للمعلمين ، كما أنّ ثقة قائد المدرسة وإرساءه لمبدأ العدل ومنحه التفويض للأتباع هو يمثّل انعكاساً آخر لهذه القيم ، والتي بدورها تؤدّي إلى تحقيق الدافعية وتشجيع الإبداع والتمكين الإداري وخلق المناخ التنظيمي الإيجابي الذي يسود المدرسة . فالقيم الشخصية لدى القائد هي ذات وقع خاص ، إذ ترتبط ارتباطاً مباشراً بسلوكه القيادي ، وتعطي مؤشّراً مباشراً للمنهج والنمط القيادي الذي يمارسه . فقيم العمل هي المبادئ والضوابط الأخلاقية والمهنية التي تحدد سلوك قائد المدرسة ، كما أنها تُعدّ المحرّك الرئيس لتطور ورقي المدرسة ، ولكنها تختلف في ممارساتها من قائد إلى آخر . كما أنّ شريحة قادة المدارس كأي شريحة في المجتمع ، مختلفة في ثقافاتها وبالتالي مختلفة في قيم العمل التي تؤمن بها . وإنّ عدم توافر منظومة قيمية موحّدة ومحددة عند جميع القادة يؤدي إلى اختلاف في السلوكات المُمارسة لديهم ، مما ينعكس سلباً على أداء الأتباع .