ورد في كتاب النهاية لابن الأثير أن "الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها" فمن الظلم وعدم الإنصاف أن تكون عبادة الاحتساب ضحية الاجتهادات الفردية التي كثيرًا ما نسمع عنها بين الحين والآخر من بعض الأشخاص الذين يسمون أنفسهم " محتسبين " وللأسف يقومون بأعمال شغب ليس إلا من تلقاء أنفسهم دون الرجوع إلى أصحاب الاختصاص والحل والربط فيما يرونه منكرًا فهم بعيدين عن فقه أصول الاحتساب جملة وتفصيلا , فلا هم بفعلهم أمروا بمعروف أو نهوا عن منكر بل إنهم أساءوا إلى الإسلام والمسلمين سيما ونحن في بلد إسلامي دستوره كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويُعد مرجعًا ينهل من معين علمائه طلاب علوم الشريعة الإسلامية من مختلف دول العالم. وما حدث مؤخرًا بمهرجان التراث الوطني بالجنادرية لهذا العام يجعلنا نتساءل عن أسباب تكرار حدوث مثل هذه الظاهرة : هل هيئة كبار العلماء والدعاة بهذا البلد عجزت عن توجيه خطاب لإدارة الجنادرية تنكر فيه المنكر وتحثهم على عدم التهاون في حدوثه وبالتالي بات تدخل أولئك الشباب أمرًا ملحًا وضروريًا؟ وما دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأعضائها الذين كانوا حاضرين وكانت لهم مشاركة قوية بالمهرجان ولم يمنعوا كما أشيع من دخول الجنادرية ؟ وباعتقادي لعلاج مثل هذه الظواهر المتكررة وبالأخص المتزامنة مع محافلنا الثقافية معرفة مكمن الخلل عند مثل أولئك الشباب والمتمثلة بطريقة فهمهم لبعض المصطلحات الدينية بشكل خاطئ وتصحيحها من لدن هيئة كبار العلماء والدعاة ليكونوا بعد ذلك شباب إصلاح وبناء لا فساد وهدم ينخر في جسد المجتمع . وأيضًا المؤمل من كتابنا الذين شحذوا أقلامهم للتحذير من تكرار مثل هذه الظاهرة قبل أي تجمعٍ وطني أو ثقافي أن يعيدوا النظر في تسمية أولئك الشباب حتى لا يساعدوا في تشويه ديننا الإسلامي السمح والتهجم على أحد العبادات كالاحتساب بوصفهم "محتسبين" وليكن عوضًا عنها مصطلح " مثيرو الشغب " فهي التسمية الصحيحة باعتقادي اللائقة ببعض التصرفات التي تمثل شخوصا فردية وبعيدة كل البعد عن أخلاقيات الدين الإسلامي الصحيح 1