استكمالاً لمقالي السابق عن الفحص الدوري لصحة الأفراد وحرصاً مني على تشكيل صورة أوضح عن هذا الجانب لدى القارئ الكريم. وجدت أنه من الضرورة الإشارة إلى استراتيجيات هامة قد أشارإليها المختصون في هذا المجال وقد وردت على الخصوص في كتاب؛ “ Rose's Strategy of preventive Medicine” الصادر في العام 2008 م. حيث أشار الكاتب إلى ضرورة التزام القائمين على برامج الفحص الدوري بثلاثة استراتيجيات أساسية لا رابع لها ألا وهي: أولاً: لا ينبغي القيام بالفحص الدوري دون وجود إمكانات (مادية وبشرية) لمتابعة الحالات على المدى البعيد، وأضاف الكاتب أن عدم الإلتزام بتلك الإستراتيجية يتنافى مع أخلاقيات المهنة. ثانياً: أن يكون الهدف الأساسي من الفحص هو تقييم المخاطر التي يمكن التحكم فيها بالتدخل العلاجي أو التثقيف الصحي والوقاية بأنواعها. ثالثاً: أن يكون الفحص مشروطاً للفئات الأكثر عرضة والمتوقع إصابتها أكثر من غيرهم. وعلى سبيل المثال ( إجراء الفحص الدوري بالأشعة للسيدات ما بعد سن 40 عام، إجراء مسحة عنق الرحم بواقع مرة كل سنة إلى 3 سنوات للسيدات ما فوق 21 سنة للسيدات المتزوجات، فحص مستوى الكولستيرول للبالغين بعد سن 45 لغير المدخنين وغير المصابين بالسكري - فجميع تلك الفئات أكثر عرضة-). عليه نجد أنه لزاماً على من يقوم ببرامج الفحص الدوري تطبيق تلك الإستراتيجيات الثلاثة كي يُطبق العمل الوقائي بمهنية عالية. وقد تكون بعض من تلك الإستراتيجيات معمول بها من قبل (برنامج فحص ما قبل الزواج) بالمملكة، ولكن أقترح إعادة النظر في تطبيق الإستراتيجية الثالثة المشار إليها سابقاً على الفئات المشمولة ببرنامج فحص ما قبل الزواج وذلك في سبيل إعادة توجيه الإمكانات وتقليل العبئ المادي الذي تتحمله وزارة الصحة لإجراء هذا الفحص. ومن هنا أيضاً فإنني أطرح علامة استفهام كبرى على برامج الفحص الصحي العشوائية...؟! والتي قد تقوم بها بعض الجهات اجتهاداً من خلال الإحتفال بالأيام العالمية، أو من خلال المختبرات الخاصة، أو من خلال السوبر ماركت أو الصيدليات. والتي عادة ما ينتج عنها أضراراً كثيرة منها؛ إما فقدان لمتابعة الحالات التي تم اكتشاف عوامل الخطورة لديها أو خلق جو من الرعب والقلق لدى من هم ليسوا عرضة للإصابة أو الضررين معاً. إذا ألا تتفقوا معي على ضرورة إجراء الفحص الدوري الصحي بإستراتيجياته الثلاثه من متابعة دورية مع الإلتزام بشرط فحص الفئة الأكثرعرضة وكذلك التثقيف الصحي في سبيل تعزيز صحة المواطن. وأخيراً نعم للمهنية العالية وألف ألف تحية لأخلاقيات المهنة. ولا للفحص الصحي العشوائي!!.