أمس كان يوماً لعيناً. عشت ما يشبه أفلام سينما الرعب. كنت أقود السيارة على طريق رئيسية بعد أن ملأت صندوقها بسلع، ضرورية وغير ضرورية، تسوّقتُها. وعلى الايقاع السهل للأغاني التي يبثها الراديو كنت أغني، حين سمعت الصوت الرهيب ينبعث من دواليبي بعدما (...)
لا أحاول ان أتذاكى، لكنني كلما سمعت شخصاً يقسم بأن لا يقول الا الحقيقة، اقلق. رد الفعل هذا كان نوعاً من موقف تحصيل الحاصل في "الأزمنة العادية". لكن ردود فعلي عليه غدت، في الفترة الأخيرة، اكثر حدة بكثير.
والحال انني حين اسمع كلمة "الحقيقة" تقال، (...)
إسأل أي شخص عارف وسوف يجيبك بأن الطريقة الافضل لتتعلم عن بلد ما، هي في التحدث الى سائق التاكسي والسرفيس. لكن هذه الوسيلة في التعلّم والاكتشاف فنّ بحد ذاته في مدينة كبيروت.
فاذا كنتَ وحدك في سيارة التاكسي ودخلتَ في محادثة طويلة وبلا تقطّع مع السائق، (...)
"هاي أنت! انظر إليّ. هل تعتقد انني لا أحد. مجرد لا أحد. أنني أي شيء نكرة بين آخرين هم مثلي لا أحد".
واضحٌ أنك مخطئ. انني على الصفحات الأولى لصحف العالم. كل شاشات العالم رأت بطني الكبير يسير أمامي ووشمي يتوزع على زنديّ. يستطيعون أن يربطوا يدي وراء (...)
الكثيرون من الناس حولي أسمعهم يعبّرون عن اسفهم لأنهم يفقدون شبابهم. وأحب ان أخبرهم ان عليهم ان يفرحوا لأنهم لا ينتمون الى الجيل الاصغر. وبصدقٍ لا اقول هذا تعزيةً للنفس، او من قبيل رفع المعنويات الذاتية. فبعد قراءة الصحف في الاسبوعين الماضيين أدركت (...)
لا أجهل طاغور ومعظمنا يعرفه. لكنّني لم أقرأ على الاطلاق من قبل اسم أوكورا تنشين، وما كان في وسعي أبداً أن أعلم ان مؤلّف "يقظة الشرق" سلف مبكر للنقد السعيديّ للاستشراق.
لقد تعرّفت الى هذه الحقيقة عبر كتاب رستم باروخا اللافت للنظر"آسيا أخرى: (...)
هذا بلد التناقضات! لقد سمعت هذه العبارة عن لبنان ألف مرة من قبل! أحياناً تُقال باستحسان، وأحياناً بامتعاض، وغالباً بتوتر. لكنْ، وبغض النظر عن النبرة، كانت الاستجابة تُبدي الموافقة دائماً.
فلا غرابة، إذاً، في انني كنت ميالة الى استبعاد هذه الأوصاف (...)
لا أعرف شخصاً إلا وأقدم في حياته، مرة على الأقل، على المضاربة بالعقارات. والمضاربة التي أعنيها تتم على تلك الرقعة الكرتونية الملوّنة المسماة لعبة المونوبولي. بهذه الطريقة صرت أعرف، وكنت لا أزال صغيرة السن أعيش في بيروت، أن حي مايفير في لندن أفخم، (...)
استقليت الاسبوع الماضي قطاراً بين مدينتي ليفربول ولندن في رحلة مدتها اربع ساعات. في المقعد خلفي شابان في العشرينات احدهما آسيوي والآخر غرب -افريقي. حمل الشابان آلة صغيرة راحت تبث أحد الافلام الكوميدية الآسيوية المضحكة "غودنس غرايشوس مي". كان بامكاني (...)
"إلى أين ستذهب في عطلة رأس السنة؟". إنه السؤال الذي لا تسمع غيره خلال شهر ديسمبر في بريطانيا. ملايين يغادرون لندن الى الريف الهادىء والأخضر "الدائم الخضرة". إذاً لا بد أن تكون أنت أيضاً ممن يغادرون المدينة ويتوجهون الى الطبيعة الأم.
لا. ليس أنا. هذا (...)
شعر أسود ولحية بيضاء. وجه صدام ظهر على شاشاتنا كأنه يحمل حقبتين في لحظة واحدة. رجل كهل إلا أنه يصبغ شعره بالأسود. بالأسود القاتم. وهو ما فعله منذ وقت غير بعيد، فكم من الوقت يدوم تأثير الصبغة على رجل في عمره؟
يبدو أن الديكتاتور ظل، حتى وقت قريب، يمسك (...)
دائماً كانت لدي مشكلة مع كلمة "حقيقة". الفلاسفة يبحثون في معناها. الأطفال يُعلَّمون فضائلها. الجميع يُقسم باسمها. لكنها، مع هذا، تبدو لي أنها تناسب المبشّرين وحدهم. فهم، الذين يقدمون العظات، يجيدون استعمالها على النحو الأفضل. وهم، كما لو بوعي، (...)
Polly Toynbee.
Hard Work: Life in Low-Pay Britain.
العمل الشاق: العيش في بريطانيا المتدنية الأجر.
Bloomsbury,London.
2003.
242 pages.
اذا كنت صحافياً جدّياً تعشق تقصّي الحقائق وتشغلك الأمور الاجتماعية ايضاً، واذا كنت تابعت عن كثب التقلّبات التي (...)
أثناء زيارتي بيروت الشهر الماضي قال لي قريبي، وهو من رجال الأعمال، انه يمارس عمله منذ 30 سنة وله علاقات تجارية في انحاء العالم - فرنسا وروسيا والولايات المتحدة ودول الخليج وهولندا وغيرها. وأضاف: "عرفت كثيرين في انحاء العالم، لكن لم أجد صداقات حقيقية (...)
عيدا الميلاد ورأس السنة يُفترض أنهما وقت للتأمل في الأوجه الروحية لحياتنا. يقال انهما وقت للتفكير. فاذا صح هذا فهو بالتأكيد لا ينطبق على تجربتي.
بالنسبة لي، عيدا الميلاد ورأس السنة اكثر الاوقات إنهاكاً واستدعاءً للتوتر خلال العام. انهما أشبه بلائحة (...)
إمرأتان فصلت بينهما قرون، أعادت توحيدهما مكتبة واحدة في مدينة جميلة على المتوسط. الإمرأتان، إحداهما قتلها كره العلم والمعرفة، والأخرى يؤرّقها نشر المحبة لهما. تلك التي من الماضي إسمها هيباثيا، فيما الثانية تحمل اليوم إسم شيرين.
شيرين رقيقة تضج (...)
مرّ وقتٌ طويل قبل أن أفهم لماذا كانت أمي تحب سرد حكاية الطبيب الذي رأيت النور على يديه. فكلما وجد مستمعون مستعدون للاصغاء، كانت والدتي تروي الحكاية، حتى أني سمعتها ألف مرة.
وحتى يكون للحكاية معنى، عليكم ان تعرفوا اني الأنثى الثانية التي انجبها (...)
حين نفكّر بالنُصُب نفكّر بالتاريخ والمعارك والانجازات المستحيلة. نفكّر بالسيمفونيات الكبرى والقادة. بالانتصارات والكوارث.
فلا أحد يحب تدمير المنحوتات الكبرى ل"أبطال" فرضوا أنفسهم، في هذا المنعطف التاريخي أو ذاك، علينا. لكن ما دمنا لا نستطيع، في زمن (...)
لم أستطع الامتناع عن النظر اليه والتحديق باتجاهه: لقد بدا وجهاً مألوفاً في أقل الشواطىء إلفة بالنسبة لي. ولأن هذه الجزيرة حيث قضيت عطلتي لا يعرف بها كثيرون من السيّاح، كان الحظ بأن نكون نعرف بعضنا أقرب الى الصفر.
مع هذا، بدا فعلاً وجهاً مألوفاً (...)
دائماً كرهت الرقابة. فالمقصّات صُنعت كي تقص الأظافر، لا الكلمات.
ذاك أن المخاطر التي قد تنجم عن الحرية أقل سوءاً بكثير من التقوقع في الشرنقة الآمنة للمنوع والمُحرّم. وحتى لو كنت أكره ما هو مرشّح للمنع، أحاول أن لا أخون مبدئي وأدافع، بالتالي، عن حق (...)
إذا أحسست بالاكتئاب، عليك بالموسيقى. إحدى صديقاتي كانت تقول المعنى نفسه بالانكليزية متلاعبةً على الكلمات: When you are blue, what else but Blues?
على أي حال، هذا ما قلته لنفسي الأسبوع الماضي.
الأخبار كانت مُحزنة. الصور قاسية جداً ومؤلمة. شاشات (...)
Maxine Molyneux.
Women's Movements in Internatioanal Perspective - Latin America and Beyond.
الحركات النسائية في منظور أممي - أميركا اللاتينية وما يتعداها.
Palgrave, London.
2001.
244 pages.
لم أقرأ منذ فترة طويلة كتاباً يُعنى بكامله بقضية المرأة (...)
دائماً حين أُضطر الى ملء قسائم ادارية، لا أعرف الجواب عن السؤال المتعلق ب"هويتي الإثنية". وما لا بد من قوله ان الخيار الذي تحمله القسائم، على الأقل في البلدان الأنغلو ساكسونية، فعلاً محدود إن لم يكن ناقصاً.
فأنا لست أوروبية، ولا أفريقية وهو ما أتمنى (...)
لمدة طويلة أردت أن أكون طباخة ماهرة. بالحقيقة حلمت في أن أكون طباخة ماهرة، بل طباخة مدهشة.
أصدقائي، خصوصاً منهم من استغلوا طاقاتهم ومواهبهم في مجالاتهم المهنية أو الفنية، لا يقبضون جداً طموحاتي المطبخية.
"لماذا تكترثين الى هذا الحد بأن تكون طباخة (...)
جارتي ليزا طيبة. هذا ما تبيّن لي سريعاً مع انتقالي الى البيت الذي صار بيتي.
كيف كنا لنتدبّر أمرنا من دون ليزا؟ أظل أسأل نفسي هذا السؤال. فأنا أكره ملء القسائم، مثلي مثل كل البشر العاديين لا سيما اولئك الذين ترجع اصولهم الى بلدان تحكمها الفوضى، لا (...)