الجِوال الذي أمرني بحمله ثقيلُ جداً. اعتدتُ أن أحمل البضاعة في كراتين. المسامير بشتى صنوفها وأحجامها. البويات تُحفظ في دلاء ونحملها إلى المخازن ونرصُها بعضها فوق بعض. كل مستلزمات الدهانات من المعجون والصنفرة والغراء. كل ألوان الطلاء ولوازم الستائر (...)
كان ثقيلاً. الدين المطلوب مني سداده كان ثقيلاً. لم أهتم. حاز خصمي؛ صاحب معرض السيارات حُكماً ضدي بالحجز على كل ما أملك، ولا أملك شيئاً غير محتويات الشقة. أسف الناس على ما حدث لي وضربوا كفاً بكف. وسبق أن ضربوا الأكف يوم حصل لنا ما حصل. ريح عاتية تهيج (...)
رأيتها طائرة بين الحمام الأبيض. تسبح في الفضاء بنعومة كسمكة في الماء. ترتدي غلالات بيضاء من قطن شفيف. يتراقص ذراعاها إلى جوارها كجناحين سعيدين بالسماء الصافية والفضاء الخالي. جسدها المتكور يطول ويقصر كلما شرب من النور. ما زالت تحلق في انسجام بين (...)
ممدد على الفراش. الصمت ملاءة بيضاء تكفن الهواء والغرفة. تتعلق بالجدران وتمشي نحو روحي. أبي مغمض العينين لا ينطق بحرف. القلب يدق بلا وجل. يدق رغم أنف الجسد المتداعي. الأعضاء تذوي كل يوم وكل ساعة. تتراجع تدريجاً وبدقة عجيبة.
شهر وهذا الوجه يسكن (...)
ممدد على الفراش. الصمت ملاءة بيضاء تكفن الهواء والغرفة. تتعلق بالجدران وتمشي نحو روحي. أبي مغمض العينين لا ينطق بحرف. القلب يدق بلا وجل. يدق رغم أنف الجسد المتداعي. الأعضاء تذوي كل يوم وكل ساعة. تتراجع تدريجاً وبدقة عجيبة.
شهر وهذا الوجه يسكن (...)
في الصباح الباكر جداً خطوت فوق أرض طينية صلبة. سيئة التضاريس.. ليس هناك مخلوق في المشهد المتجهم. لمحت مئذنة مسجد تظهر من بعد. مضيت نحوها. في مصلاة رأيت رجلاً ينتهي من صلاته. سألته عن مراكب تسافر إلى الأقصر قال:
- ليس قبل يومين.
- متأكد؟
- أنا صياد (...)
في الصباح الباكر جداً خطوت فوق أرض طينية صلبة. سيئة التضاريس.. ليس هناك مخلوق في المشهد المتجهم. لمحت مئذنة مسجد تظهر من بعد. مضيت نحوها. في مصلاة رأيت رجلاً ينتهي من صلاته. سألته عن مراكب تسافر إلى الأقصر قال:
- ليس قبل يومين.
- متأكد؟
- أنا صياد (...)
المياه تتهادى في حضن النهر مثل ناقة في صحراء وديعة. في نعومة يدفع النهر قارب العائلة الصغيرة تحت جنح الليل المرتعد. صمته المعتم يفوح بالتوتر. يحيط بالسماوات لكنه يتلفت متوجساً من قدوم القدر المجهول. يدرك أن موعده دنا ليضرب ضربة مفاجئة. المرأة في (...)
المياه تتهادى في حضن النهر مثل ناقة في صحراء وديعة. في نعومة يدفع النهر قارب العائلة الصغيرة تحت جنح الليل المرتعد. صمته المعتم يفوح بالتوتر. يحيط بالسماوات لكنه يتلفت متوجساً من قدوم القدر المجهول. يدرك أن موعده دنا ليضرب ضربة مفاجئة. المرأة في (...)
هزّته بيدها الصغيرة الطرية. تململ في فراشه. فتح بصعوبة عينيه. دارت نظراته الواهنة في سماء الغرفة تبحث عن الذي أيقظه. لم يجد أحداً. أغمض عينيه.
قم يا جدي.
تنبه من جديد. دارت نظراته في الغرفة التي لا يرى فيها غير جدران كابية وستائر رمادية بلون الخريف. (...)
هزّته بيدها الصغيرة الطرية. تململ في فراشه. فتح بصعوبة عينيه. دارت نظراته الواهنة في سماء الغرفة تبحث عن الذي أيقظه. لم يجد أحداً. أغمض عينيه.
قم يا جدي.
تنبه من جديد. دارت نظراته في الغرفة التي لا يرى فيها غير جدران كابية وستائر رمادية بلون الخريف. (...)
على مدى ثلاثين عاماً كانت أمي تربي الدواجن في «قن» فوق سطح بيتنا. عشرات من الدجاجات والديوك بشتى ألوانها وأطيافها في «قن» كبير محكم تحمل إليها الماء والحَب في نظام دقيق. تندفع الدجاجات نحو الحَب ثم تلتقط رشفات الماء. تركض وتلهو وتتقافز ثم تتضاجع (...)
على مدى ثلاثين عاماً كانت أمي تربي الدواجن في"قن"فوق سطح بيتنا. عشرات من الدجاجات والديوك بشتى ألوانها وأطيافها في"قن"كبير محكم تحمل إليها الماء والحَب في نظام دقيق. تندفع الدجاجات نحو الحَب ثم تلتقط رشفات الماء. تركض وتلهو وتتقافز ثم تتضاجع وتتنادى (...)
عَلِم الأبناء الثلاثة بمرض أمهم. كانوا في المدينة الكبيرة لا يأبهون. أسرعوا يخترقون حارات القرية المظلمة. أوسعوا زوجها ضرباً بالنعال. أقسم أن كل ما كان يملكه راح في علاجها. ملامحه تكذب، على رغم محاولاته رسم قناع مهلهل للصدق. قال الكبير: ابتلعت ذهبها (...)
عَلِم الأبناء الثلاثة بمرض أمهم. كانوا في المدينة الكبيرة لا يأبهون. أسرعوا يخترقون حارات القرية المظلمة. أوسعوا زوجها ضرباً بالنعال. أقسم أن كل ما كان يملكه راح في علاجها. ملامحه تكذب، على رغم محاولاته رسم قناع مهلهل للصدق. قال الكبير: ابتلعت ذهبها (...)
الظلمة تشمل كل شيء، لا تثقب زجاجها الأسود إلا دوائر الضوء المبهر تنطلق من عيون الذئاب. عشرات الثقوب اللامعة والمرعبة تمتد في خطوط مستقيمة. الأفكار تنهكني بلا جدوى. الجنون يزرع شجره في أعماقي، والعجز يرويها. أضرب رأسي في الجدران التعسة. أصبح من (...)
الظلمة تشمل كل شيء، لا تثقب زجاجها الأسود إلا دوائر الضوء المبهر تنطلق من عيون الذئاب. عشرات الثقوب اللامعة والمرعبة تمتد في خطوط مستقيمة. الأفكار تنهكني بلا جدوى. الجنون يزرع شجره في أعماقي، والعجز يرويها. أضرب رأسي في الجدران التعسة. أصبح من (...)
أقبض على رواية «نصف شمس صفراء»، لا أود أن أفلتها حتى الانتهاء منها: كيف أمكن الروائية النيجيرية الشابة تشيماماندا نجوزي أديتشي أن تكتب مثل هذه الرواية العذبة التي تفيض بالإنسانية والرقة، على رغم أنها تصور الحرب الضارية التي اندلعت بين الدولة (...)
أقبض على رواية"نصف شمس صفراء"، لا أود أن أفلتها حتى الانتهاء منها: كيف أمكن الروائية النيجيرية الشابة تشيماماندا نجوزي أديتشي أن تكتب مثل هذه الرواية العذبة التي تفيض بالإنسانية والرقة، على رغم أنها تصور الحرب الضارية التي اندلعت بين الدولة (...)
البطل في رواية الكاتب العراقي سلام إبراهيم «الحياة لحظة» الصادرة أخيراً عن الدار المصرية - اللبنانية في القاهرة اسمه إبراهيم سلامي، ثوري ومناضل منذ الطفولة: «كان يعاند الكل ويفعل ما يحلو له، لا يهمه الكبار وقوانينهم وبسبب ذلك شبع ضرباً من أبيه (...)
البطل في رواية الكاتب العراقي سلام إبراهيم"الحياة لحظة"الصادرة أخيراً عن الدار المصرية - اللبنانية في القاهرة اسمه إبراهيم سلامي، ثوري ومناضل منذ الطفولة:"كان يعاند الكل ويفعل ما يحلو له، لا يهمه الكبار وقوانينهم وبسبب ذلك شبع ضرباً من أبيه وأعمامه (...)
«أيام مجاور» سيرة ذاتية تتفوق على كثير من السير، كتبها سليمان فياض ونشرت أخيراً في القاهرة في سلسلة «روايات الهلال». ويمكننا أن نقرر في البداية أن مبدع الأدب يستطيع أن يبهرنا بنص ملهم، إذا كتب سيرته الذاتية وتسلح بالجسارة، لأنه قطعاً يمتلك اللغة (...)